البلغم
هو عبارة عن مادة تتكون من لعاب ومخاط تصل إلى الفم نتيجة للسعال، حيث أن مصدرها هو من الرئتين، من الرغامى (القصبة الهوائية – Trachea) أو الشعب الهوائية (Bronchi).
هذه الإفرازات قد تكون ملوثة، نتيجة لعوامل ممرضة (مسببة للمرض – Pathogenic) مختلفة، قد تكون دموية، أو قد تحتوي على خلايا مختلفة يمكن بواسطتها تشخيص أمراض رئوية مختلفة وعوامل ملوِّثة (عدوائية) مختلفة، مثل التهابات الرئة (Pneumonia)، السل (Tuberculosis)، مرض الاٍيدز (متلازمة العوز المناعي المكتسب – AIDS) وسرطان الرئة.
أهمية فحص البلغم
فحص البلغم هو ليس فحصا باضعا (Invasive)، وينطوي على أهمية كبرى للإجراءات الطبية التالية:
تشخيص وتحديد الجراثيم: بواسطة مُلوِّن الغرام (أو: صبغة غرام – Gram’s stain). ويتم الصبغ بلونين اثنين: اللون البنفسجي الذي يميز الجراثيم الإيجابية الغرام (Gram – positive bacterium)، واللون الأحمر لتمييز الجراثيم السلبية الغرام (Gram – negative bacterium).
عزل الجرثومة: بواسطة مستنبتات (culture) في مسكبات تحتوي على أغذية خاصة، من أجل فحص مدى حساسية الجرثومة للمضادات الحيوية المختلفة.
الفطريات والفيروسات: تحضير مستنبتات خاصة لتمييز وعزل الفطريات والفيروسات.
مرض السل: في حال الاٍشتباه بوجود مرض السل، يمكن اٍجراء صبغ سريع للبلغم من أجل تحديد وتشخيص الجراثيم بشكل أولي. النتيجة السلبية (عدم وجود جراثيم) في هذا الفحص الأولي ليست كافية لنفي وجود الجرثومة والمرض. هنالك حاجة إلى استعمال مستنبتات خاصة، طويلة المدى (حتى 3 أسابيع) لتمكين الجرثومة من النمو. وأحيانا، قد تكون هنالك حاجة إلى أخذ عينات على مدى 3 أيام متتالية من أجل تحديد مسبب المرض.
مرض الايدز: في حال الاشتباه بأن المريض مصاب بمرض الاٍيدز، يتم تحديد وتشخيص المتكيسة الرؤية الجؤجؤية (Pneumocystis carinii) من عينة البلغم بواسطة صبغ خاص للبلغم، وليس بواسطة مستنبتات. هنالك أهمية لعزل الجرثومة من أجل ملاءمة العلاج للمرضى الذين يعانون من هذا المرض.
سرطان الرئة: في حال الاشتباه بإصابة المريض بسرطان الرئة، يتم تحديد وتشخيص الخلايا السرطانية بواسطة صبغ خاص لهذا الغرض. وقد تم مؤخرا تطوير طرق جديدة ومتقدمة يمكن بواسطتها تحديد الخلايا التي تحتوي على مستقبلات (Receptors) خاصة، أو خلايا ذات علامات وراثية يمكن أن تشير إلى وجود تغيرات محتملة الخباثة (Premalignant) (محتملة التسرطن – Precancerous). هذه الفحوصات هي جزء من برامج مسحية للكشف المبكر عن سرطان الرئتين.
أسباب وعوامل خطر البلغم
العامل المسبب للالتهابات الرئوية قد يكون جرثوميا، فيروسيا أو فطريا.
تشخيص البلغم
نتائج فحص البلغم تنطوي على أهمية كبيرة لتشخيص مسببات التلوث المختلفة، مثل التهابات الرئة، السل ومرض الايدز، وكذلك لتشخيص الإصابة بسرطان الرئة.
يمكن أخذ عينة من البلغم بعد سعال المريض. لدى المرضى الذين لا يستطيعون إخراج بلغم بقواهم الذاتية، يجب تحريض (تحفيز) المسالك الهوائية بواسطة استنشاق محلول ملحي من أجل الحصول على عينات من مناطق أكثر عمقا في الشعب الهوائية.
فحص البلغم بهذه الطريقة يسمى بـ “البلغم المحدَث (أو: المحرَّض)”. يمكن تحديد مصدر العينة حسب نوع الخلايا الموجودة في داخلها، إذ يمكن تمييز العينة التي أخذت من الشعب الهوائية العميقة إذا تبين وجود بلاعم وخلايا التهابية أخرى فيها، بينما يمكن تمييز العينة التي أخذت من القسم العلوي من الشعب الهوائية إذا تبين وجود خلايا ظهارية (Epithelia) كثيرة فيها.
علاج البلغم
يجب فحص البلغم قبل إعطاء / تناول أي علاج للبلغم من شأنه أن يمنع تكاثر الجراثيم، الفيروسات أو الفطريات. عينة البلغم الأكثر موثوقية ومصداقية هي تلك التي يتم أخذها في الصباح، أُثناء الصوم، وبعد استنشاق عميق وسعال قوي.
تطبيق فحص ” البلغم المُحْدَث” (أو: البلغم المُحَرَّض – Induced sputum) بعد استنشاق محلول ملحي (ماء مالح):
في حالة الأمراض الرئوية الاٍلتهابية، مثل مرض الربو (Asthma)، ثبتت نجاعة فحص”البلغم المحدث” في تشخيص مسبب المرض. وقد أثبتت نجاعة هذا الفحص على المستوى السريري (Clinical): تبعا لوجود خلايا التهابية، مثل اليوزينيات (Eosinophil)، يمكن تحديد نوع العلاج وكمية الجرعة.
ثبتت نجاعة فحص البلغم المحدث، أيضا، في استيضاح وتشخيص مسبب السعال المزعج. بواسطة صبغ خاص للخلايا الموجودة في عينة البلغم، يمكن الكشف عن وجود بلاعم (Macrophages) محملة بقطرات من الدهون، وهو ما يشكل دليلا على وجود الجَزْر المعدي المريئي (Gastroesophageal reflux). كما يمكن لهذا الفحص، أيضا، تشخيص السعال الناتج عن تستيل أنفي خلفي (Postnasal drip) والذي يتميز بوجود يوزينيات في البلغم.
ثبتت نجاعة فحص البلغم المُحدث، أيضا، في استيضاح وتشخيص أمراض رئوية مهنية ناتجة عن طبيعة عمل المصاب. فلدى العمال المعرضين للغبار الضار، يتم ابتلاع جزيئات الغبار بواسطة البلاعم الموجودة في عينة البلغم. يمكن تمييز وتحديد هذه الجزيئات بواسطة المجهر الاٍلكتروني الماسح (Scanning Electron Microscope) الذي يقوم بفحص العناصر الكيميائية التي تتكون منها جزيئات الغبار الضار.