عدم صلاحية القاضي في نظر الدعوي
مهما كان القاضي متحليا بالنزاهة والعدالة فانة قد يتأثر بميوله مصالحه الشخصية مثل اغلب البشر، لذلك حرصا عل مظهر الحيدة الذي يجب ان يظهر به القاضي اما الخصوم والجمهور، فنص المشرع علي أسباب معينة تجمعها هذه الاعتبارات لو توافر احداهما اصبح القاضي غير صالح لنظر الدعوي ممنوعا من سماعها، ولو توافر احداهما اصبح القاضي غير صالح لنظر الدعوي مطلقا أي بقوة القانون.
فيجب علي القاضي ان يمتنع عن نظر الدعوي من تلقاء نفسه، والا كان الحكم الصادر عنه باطل بطلانا مطلقا متعلق بالنظام العام، فعدم صلاحية القاضي يقصد به كفالة حياد القاضي، أي تحليه بالموضوعية والبعد عم أي قضية له صلة بها تؤثر علي روح الاستقلال لديه.
• أسباب عدم صلاحية القاضي:
1- إذا كان القاضي قريب أو صهرا لأحد الخصوم الي الدرجة الرابعة:
فالقرابة والمصاهرة بين القاضي وأحد الخصوم من شأنها أن تؤثر على حياد القاضي واستقلاله، لأنهما اما ان يكونا مصدر ود وثيق أو بغض عميق، وكلتا العاطفتين من شأنها ان يخرجا القاضي عن حيدته، وقد تدفعانه الي الاسترسال وراء شعوره والانحراف عن طريق العدالة في الحكم.
لا عبرة بالقرابة أو المصاهرة إذا كانت من درجة أبعد من الدرجة الرابعة، ويقوم هذا السبب ولو كانت القرابة أو المصاهرة بين القاضي والخصمين معا ،و هذا السبب يقوم ولو بعد وفاة الزوجة أو فسخ عقد الزواج بالطلاق، فلا يشترط لتوفر حالة المصاهرة أن تكون رابطة الزوجية مازالت قائمة أو ان تكون الزوجة مازالت علي قيد الحياة أو أن تكون رابطة الزوجية مازالت علي قيد الحياة أو ان تكون قد انجبت أولادا أو لم تنجب.
2- القرابة أو المصاهرة بين القاضي وقاض اخر في ذات الدائرة أو ممثل النيابة أو المحامي:
لا يجوز ان يجلس في دائرة واحدة قضاة بينهم قرابة أو مصاهرة حتى الدرجة الرابعة بدخول الغابة، فضمان استقلالية من ان يتأثر برأي قريبة أو صهرة وضمان الحيادة من المؤثرات الذاتية التي يمكن ان تؤثر علي رأيه نتيجة صلة القربي أو المصاهرة.
3- وجود خصومة قائمة:
– بين زوجة القاضي وأحد الخصوم وذلك لان الخصومات تثير الأحقاد، وتحمل علي التشفي، ما يخشي معه انحراف القاضي عن طري العدالة أو اتهامه بذلك، ويجب لقيام هذه الحالة:
أولا: ان يكون هناك خصومة بين القاضي وأحد الخصوم، ويجب ان تكون هناك دعوي مقامة تكشف عن الخصومة، فلا تكفي مجرد المنازعة حتى لو أخدت هذه لمنازعة سبيل الشكاوى المتبادلة أمام الجهات الإدارية، ولا تكفي أن تكون هناك إجراءات قانونية اتخذت بين القاضي وخصمه تمهيدا لرفع الدعوي أو استكمالا لإجراءاتها.
ثانيا: ان تكون الخصومة قائمة وقت نظر الدعوي، بمعني ان تكون هذه الخصومة قد بدأت قبل رفع الدعوي، وان تكون قد ظلت قائمة حتى هذا الوقت.
ثالثا: ان تكون الخصومة قد نشأت بين القاضي أو بين زوجته وبين أحد الخصوم في الدعوي.
يجب توافر هذه الشروط الثلاثة، واذا تخلف أي شرط منها فلا تقوم هذه الحالة من حالات عدم الصلاحية ، وان كان من المتصور ان يقوم سبب من أسباب الرد.
4- وجود مصلحة في دعوي قائمة:
اذا كانت للقاضي أو لزوجته أو لأحد أقاربه أو صهارة علي عمود النسب أو لمن يكون هو وكيلا عنه أو وصيا أو قيما عليه مصلحة في دعوي قائمة، او فائدة محقة من وراء الدعوي القائمة امام القاضي ، ولا يشترط ان يكون أي من هؤلاء الأشخاص طرفا في الدعوي المرفوعة أمام القاضي، وانما يكفي ان تكون له مصلحة تبرر تدخله أو اختصامه في تلك الدعوي ولكنه لم يتدخل أو يختصم بالفعل.
5- قرابة القاضي، بوصي أحد الخصوم أو بالقيم عليه، أو بعضو مجلس إدارة الشركة أو المدير الذي له مصلحة شخصية في الدعوي:
ويشترط في هذا الشرط تواف شرطين:
1- وجود صلة قرابة أو مصاهرة حتي الدرجة الرابعة .
2- ان تكون لعضو مجلس الإدارة أو المدير مصلحة شخصية في الدعوي .
6- الوكالة والنيابة ومظنة الوراثة:
وكيلا لأحد الخصوم في أعماله الخصوصية أو وكيلا أو وصيا عليه أو قيما أو مظنونه ورثته وذلك لان العاطفة والعناية اللتين يتصف بهما الوكيل، أو النائب عن عديم الاهلية، لا تتفق مع ما يحب أن يتصف به القاضي من عدم التحيز والحيدة المطلقة، والعبرة في توافر صفة الوكالة أو النيابة هي بوقت نظر الدعوي، ويعتبر القاضي غير صالح لنظر الدعوي إذا نشأت صلة الوكالة أو النيابة بعد رفع الدعوي وقبل الحكم فيها وخصوص الوكالة هي وكالة القاضي عن أحد الخصوم
اما مظنة الإرث : قيام قرابة بين القاضي وأحد الخصوم، أبعد من الدرجة الرابعة ، من شأنها ان تجعل القاضي وارثا للخصم بفرض وفاة الخصم، هذا ولو وجد من يحجب القاضي عن الإرث او من يحرمه منه.
7- افتاء القاضي أو مرافعته أو سبق نظره أو شهادته في الدعوي
اذا كان قد افتي أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوي أو كتب فيها ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء، أو كان قد سبق له نظرها قاضيا أو محكما أو كان قد أدي شهادة فيها، او وجود صلة سابقة بين القاضي والدعوي المعروضة عليه جعلته يبدي رأيا في موضوعها من حيث الوقائع أو القانون، اذ يعني هذا وجود فكرة مسبقة لديه عن الدعوي يحتمل أن يميل للأخذ بها، ولقيام هذه الحالة يجب توافر شروط:
أولا: أن يكون القاضي قد أبدي رأيا في الدعوي المعروضة عليه على هيئة صورة من الصور التي نص عليها المشرع، أي بطريقة الإفتاء أو الدفاع أو الكتابة أو النظر أو أداء شهادة فهذه الصور مذكورة على سبيل الحصر.
ثانيا: أن يكون القاضي قد سبق وأبدي رأيه، في صورة من الصور المذكورة، في ذات لدعوي المعروضة عليه، ولو في خصومة سابقة، الذي يمنع القاضي هو سبق نظرها في مرحلة أو درجة أخري، فسبق مباشرة القاضي لنظر الدعوي في نفس الدرجة لا تفقده صلاحيته للاستمرار في نظرها حتي ولو كان قد سبق أن ابدي رأيا فيها.
وتقوم عدم الصلاحية إذا نظر القاضي ذات الدعوي كقاض في الاستئناف، بعد ان نظرها كقاض أول درجة، علي انه قد سبق للقاضي نظر الدعوي ومع ذلك يكون صالحا لنظرها، وذلك يكون صالحا لنظرها، وذلك اذا نص القانون علي ان طريق طعن معين يمكن أن تقدم الي نفس القاضي الذي اصدر الحكم المطعون فيه.
اما أداء الشهادة: يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوي اذا كان قد أدلي بشهادة فيها، فبأداء القاضي للشهادة يكون قد أبدي رأيا في القضية، وليس من الضروري أن تكون شهادة القاضي وارادة علي ذات الخصومة المطروحة امامة، وانما يكفي أن يكون قد شهد في خصومة أخري تعتبر لخصومة الحالية استمرارا لها أو تكون مرتبطة بها ارتباطا وثيقا.
8- الحكم بقبول مخاصمة القاضي أو رفعه دعوي تعويض على من طلب رده:
اذا رفعت علي القاضي دعوي مخاصمة فحكم بجواز قبولها فإنه يصبح من تاريخ هذا الحكم غير صالح لنظر الدعوي التي حصلت المخاصمة بسببها ، فالقاضي لا يفقد صلاحيته لنظر الدوي بمجد رفع الدعوي مخاصمة عليه، وانما من لحظة الحكم لنظر الدعوي التي حصلت المخاصمة بسببها، اذا رفع القاضي بعد طلب رده ، دعوي تعويض علي طلب الرد أو قدم ضده بلاغا الي الجهات المختصمة فأن صلاحيته للحكم في الدعوي تزول عنه ، فالقاضي يجعل من نفسه في تلك الحالة خصما فعليا لطالب الرد ولا يصح مع هذه الخصومة أن ينظر دعواه، اما اعمال القاضي السابقة علي ذلك فأنها تكون صحيحة لأن سبب عدم الصلاحية لم يكن قد نشأ بعد، فقواعد عدم الصلاحية تتعلق بالنظام العام.
