جهات القضاء المصرى
المقدمة
المبحث الاول: جهات القضاء فى مصر
المطلب الاول: جهة القضاء العادي
المطلب الثاني: جهة القضاء الادارى (مجلس الدولة)
المطلب الثالث: جهة القضاء الدستوري(المحكمة الدستورية العليا)
المطلب الرابع: جهة القضاء العسكري
مقدمة
تعد ولاية القضاء في الدولة حق من حقوقها ومظهر من مظاهر سيادتها، والدولة باعتبارها شخصا معنويا لا يمكنها أن تمارس ولاية القضاء بنفسها، لذلك فإن القانون يعهد إلى القضاة بمهمة ممارسة القضاء في الدولة.
وعلى ذلك تكون الولاية القضائية للدولة هي مجمـوع مـا لكـل جـهـة مـن جهات القضاء في الدولة من سلطة الحكم بمقتضى القانون فيما يرفع إليها مـن منازعـات، حيث يقوم النظام القضـائـي فـي مصـر علـى تـعـدد جـهـات القضاء، حيث توجد جهة القضاء العادي، وجهه القضاء الإداري، فضلا عن الهيئات والمحاكم الخاصة التي قد يمنحها المشرع سلطة النظر في بعض المحددة حصرا ويترتب على ذلك أن تستأثر كل جهة قضائية بقدر معلوم من ولاية قضاء الدولة في عمومه.
المبحث الاول: جهات القضاء في مصر
تعدد جهات القضاء في مصر نص الدستور المصري الجديد لعام 2014 على أربع جهات قضائية وعقد لكل جهة من هذه الجهات ولاية الفصل في طائفة معينة من المنازعات، والجهات القضائية واردة في الدستور على سبيل الحصـر فـلا يـجـوز الإضافة إليها أو القياس عليهـا وهـي أربعـة جـهـات سنتناولها في أربعة مطالب:
المطلب الاول: جهة القضاء العادى
يوجد في القضاء المدني المصري أربعة أنواع من المحاكم على النحـو التالي:
1) محكمة النقض.
2) محاكم الاستئناف.
3) المحاكم الابتدائية.
4) المحاكم الجزئية.
1- محكمة النقض:
هي أعلى محكمة في جهة القضاء العادي وهي محكمة واحدة ومقرها مدينة القاهرة، وتؤلـف محكمـة الـنقض مـن رئيس وعـدد كـاف مـن نـواب الـرئيس والمستشارين.
وتكـون بـهـا دوائـر لنظـر المـواد الجنائيـة ودوائـر لنظـر المـواد المدنيـة والتجارية والأحوال الشخصية والمواد الأخرى،
ويرأس كل دائرة فيهـا رئيس المحكمة أو أحد نوابه، ويجوز عند الاقتضاء أن يرأس الدائرة أقدم المستشارين بها.
وتصدر الأحكام من محكمة النقض من دائرة مكونة من خمسة مستشارين وتختص محكمة النقض بمراقبة صحة تطبيق محاكم الموضوع للقانون. وللخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف إذا كانت قيمة الدعوى تجاوز مائة ألف جنيه أو كانت غير مقدرة القيمة.
يوجد بمحكمة النقض هيئتان كل منها من أحد عشر مستشارا برئاسة رئيس المحكمـة أو أحـد نـوابـه إحـداهـا للمـواد الجنائية والثانية للمـواد المدنيـة والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها
ومهمة الهيئتين العامتين لمحكمة النقض هي توحيد المبادئ التي تسير عليها دوائر محكمة النقض المختلفة بحيث نصل في النهاية إلى حدة في تطبيق القانون وتفسيره.
2- محاكم الاستئناف
توجـد فـي مصـر ثمـان مـحـاكم استئناف محكمة استئناف القاهرة هي والإسكندرية وطنطا والمنصورة والإسماعيلية وبنى سويف وأسيوط وقنا. ويؤلف كل منها من رئيس وعدد كاف من الرؤساء النواب ورؤساء الدوائر والمستشارين. يجوز أن تنعقد محكمة الاستئناف في أي مكان آخر في دائرة اختصاصها أو خارج هذه الدائرة عند الضرورة وذلك بقرار يصدر من وزير العدل بناء على طلب من رئيس محكمة الاستئناف.
وكذلك يجوز تأليف دائرة استئناف في أحد مراكز المحاكم الابتدائية بقرار يصدر من وزير العدل بعد أخذ رأى الجمعية العامة لمحكمة الاستئناف. وتصـدر الأحكـام مـن محكمـة الاستئناف مـن دائـرة مكونـة مـن ثـلاثـة مستشارين.
3- المحاكم الابتدائية
توجد في كل عاصمة من عواصم المحافظات في جمهورية مصر العربية محكمـة ابتدائيـة واحـدة مـا عـدا محافظة القاهرة حيث يوجـد بـهـا محكمتـان ابتدائيتان، ومحافظات الوادي الجديد وسيناء ومطرو والبحر الأحمر حيث لا يوجد في أي منهم محكمة ابتدائية. وتؤلف كل محكمة من عدد كاف من الرؤساء والقضاء.
ويندب لرياسـتهـا أحـد مستشـاري محكمة الاستئناف التـي تقـع بـدائرتها المحكمة الابتدائية أو أية محكمة استئناف أخـرى تاليـة لـهـا طبقا للترتيب المبين في القانون، ويكون الندب بقرار من وزير العدل بعد أخذ رأي مجلس القضاء الأعلى لمدة سنة على الأكثر قابلة للتجديد.
ويكون بكل محكمة عدد كاف من الدوائر يرأس كلا منها رئيس المحكمة أو أحد الرؤساء بها. ويجوز عند الضرورة أن يرأسها أحد قضاة المحكمة ويجوز أن تنعقد المحكمة الابتدائية في أي مكان في دائرة اختصاصها أو طلب رئيس المحكمة. خارج هذه الدائرة عند الضرورة وذلك بقرار من وزير العدل بناء على وتصدر الأحكام من المحاكم الابتدائية من دائرة مكونة من ثلاثة قضاة.
4- المحاكم الجزئية
توجد محكمة جزئية تقريبا في كل مركز من مراكز محافظات جمهورية ويكون إنشاؤها وتعيين مقارها وتحديد دوائر اختصاصها بقرار من وزير العدل. مصر العربية.
ولوزير العدل أن ينشئ بقرار منـه بعـد موافقة الجمعية العامة للمحكمة الابتدائية محاكم جزئية ويخصها بنظر نوع معين من القضايا ويبين في القرار مقر كل محكمة ودائرة اختصاصها., ويجوز أن تنعقد المحكمة الجزئية في أي مكان آخر في دائرة اختصاصها أو خارج هذه الدائرة عند الضرورة، وذلك بقرار من وزير العدل بناء على طلب رئيس المحكمة، وتصدر الأحكام من المحاكم الجزئية من دائرة مكونة من قاض واحد.
المطلب الثاني: جهة القضاء الادارى (مجلس الدولة)
تنص المادة (190) من ذات الدستور على ان مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل في المنازعات الإدارية، والدعاوى، والطعون التأديبية، ومنازعات التنفيذ المتعلقة بأحكامه، ويتولى الإفتاء في المسائل القانونية للجهـات التـي يـحـددها القانون، ومراجعـة، وصياغة مشروعات القـوانين والقـرارات ذات الصـفة التشريعية، ومراجعـة مشروعات العقود التي تكون الدولة، أو إحدى الهيئات العامة طرفاً فيها، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى
ويتكون مجلس الدولة من: -.
ا ـ القسم القضائي.
ب – قسم الفتوى.
ج – قسم التشريع.
وما يهمنا هو القسم القضائي بمجلس الدولة حيث يؤلف القسم القضائي من:
أ – المحكمة الإدارية العليا :
ومقرها في القاهرة ويرأسها رئيس المجلس وتصدر أحكامها من دوائر من خمسة مستشارين وتكون بها دائرة أو أكثر لفحص الطعون وتشكل من ثلاثة مستشارين. وتختص المحكمة الإداريـة العليـا بـالنظر في الطعـون المرفوعة إليهـا بالأحكام الصادرة عن محاكم القضاء الإداري أو من المحاكم التأديبية وذلك في الأحوال الآتية:
1. إذا كان الحكم المطعون فيه مبنيا على مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله.
2. إذا وقع بطلان في الحكم أو بطـلان في الإجراءات أثـر فـي الـحـكـم
3. إذا صدر الحكم على خلاف حكم سابق حاز قوة الشيء المحكوم فيه سواء دفع بهذا الدفع أو لم يدفع.
ويكون لذوي الشأن ولرئيس هيئة مفوضي الدولة أن يطعن في تلك الأحكام خلال ستين يوماً من تاريخ صدور الحكم وذلك مع مراعاة الأحوال التي يوجب عليه القانون فيها الطعن في الحكم.
ب – محكمة القضاء الإداري :
ويكون مقر محكمة القضاء الإداري مدينة القاهرة ويرأسها نائب رئيس المجلس لهذه المحكمة وتصدر أحكامها من دوائر تشكل كل منها من ثلاثة مستشارين، ويحدد اختصاص كل دائرة من دوائر محكمة القضاء الإداري بقرار من رئيس مجلس الدولة. ويجوز بقرار من رئيس مجلس الدولة إنشاء دوائر للقضاء الإداري في المحافظات الأخرى وإذا شمل اختصاص الدائرة أكثر من محافظة جاز لها بقرار من رئيس المجلس أن تعقد جلساتها في عاصمة أي من المحافظات الداخلة في دائرة اختصاصها وتختص محكمة القضاء الإداري بالفصل في المسائل المنصوص عليها في مجلس الدولة 1972) مادة 10 السابق ذكرها عدا ما تختص به المحاكم الإدارية والمحاكم التأديبية كما تختص بالفصل في الطعون التي ترفع إليها عن الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية، ويكون الطعن من ذوى الشأن أو من رئيس هيئة مفوضي الدولة وذلك خلال ستين يوما من تاريخ صدور الحكم.
ج – المحاكم الإدارية:
ومقرها في القاهرة والإسكندرية، ويكون لهذه المحاكم نائب رئيس يعاون رئيس المجلس في القيام على تنظيمها وحسن سير العمل بها. ويجوز إنشاء محاكم إدارية في المحافظات الأخرى بقرار من رئيس المجلس، وتصدر أحكامها من دوائر تشكل كل منها برئاسة مستشار مساعد وعضوية اثنين من النواب على الأقل، وتحدد دائرة اختصاص كل محكمة بقرار من رئيس مجلس الدولة وإذا شمل اختصاص المحكمة أكثر من محافظة جاز لها أن تنعقد في عاصمة أي محافظة من المحافظات الداخلة في اختصاصها وذلك بقرار من رئيس مجلس الدولة. وتختص المحاكم الإدارية:
1- بالفصل في طلبات إلغاء القرارات المنصوص عليها في البنود ثالثا ورابعا من المادة 10 متى كانت متعلقة بالموظفين العموميين من المستوى الثاني والمستوى الثالث ومن يعادلهم، وفي طلبات التعويض المترتبة على هذه القرارات.
2- بالفصـل فـي المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات، والمكافآت والمستحقة لمن ذكروا في البند السابق أو لورثتهم.
3- بالفصل في المنازعات الواردة في البند الحادي عشر من المادة 10 متى كانت قيمة المنازعة لا تجاوز خمسمائة جنيه.
د – المحاكم التأديبية تتكون المحاكم التأديبية من:
1) المحاكم التأديبية للعاملين من مستوى الإدارة العليا ومن يعادلهم يكـون مقرها في القاهرة والإسكندرية وتؤلف من دائرة أو أكثر تشكل كل منها من ثلاثة مستشارين
2) المحاكم التأديبية للعاملين من المستويات الأول والثاني والثالث ومن يعادلهم. ويكون لهذه المحاكم نائب لرئيس المجلس يعاون رئيس المجلس في القيام على شئونها، ويكون مقرها في القاهرة والإسكندرية وتؤلف من دوائر تشكل كل منها برئاسة مستشار مساعد على الأقل، وعضوية اثنين من النواب على الأقل، ويصدر بالتشكيل قرار من رئيس المجلس. ويجوز بقرار من رئيس مجلس الدولة إنشاء محاكم تأديبية في المحافظات الأخرى القرار عـددها ومقارهـا ودوائر اختصاصها بعـد أخـذ رأى مدير النيابة الإدارية. وإذا شمل اختصاص المحكمة التأديبية أكثر من محافظة جاز لها أن تنعقد في عاصمة أي محافظة من المحافظات الداخلة في اختصاصها، وذلك بقرار من رئيس مجلس الدولة.
ويتولى أعضاء النيابة الإدارية الادعاء أمام المحاكم التأديبية. وتختص المحاكم التأديبية بنظر الدعاوى التأديبية عن المخالفات المالية والإدارية التي تقع من:
أولا: العاملين المدنيين بالجهاز الإداري للدولة في وزارات الحكومة ومصالحها ووحدات الحكم المحلي والعاملين بالهيئة العامة والمؤسسات ا العامة وما يتبعها من وحدات وبالشركات التي تضمن لها الحكومة حـدا أدنى من الأرباح.
ثانيا: أعضاء مجالس إدارة التشكيلات النقابية المشكلة طبقا لقانون العمل وأعضاء مجالس الإدارة المنتخبين طبقا لأحكام القانون رقم 141 لسنة 1983، المشار إليه.
ثالثا: العاملين بالجمعيات والهيئات الخاصة التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهوريـة مـمـن تـجـاوز مرتباتهم خمسة عشر جنيهـا شـهريا كما تختص هذه المحاكم بنظـر الطعون المنصوص عليها في البندين تاسعا وثالث عشر من المادة العاشرة.
هـ – هيئة مفوضي الدولة
وتؤلف هيئة مفوضي الدولة من أحد نواب رئيس المجلس رئيسا ومن عدد كاف من المستشارين والمستشارين المساعدين والنواب والمندوبين. ويكون مفوضو الدولة لدى المحكمة الإدارية العليا ومحكمة القضاء الإداري من درجة مستشار مساعد على الأقل.
المطلب الثالث: جهة القضاء الدستوري (المحكمة الدستورية العليا)
تنص المادة (191) من دستور 2104 على ان المحكمة الدستورية العليا جهة قضائية مستقلة، قائمة بذاتها، مقرها مدينة القاهرة، ويجوز فـي حالـة الضرورة انعقادها في أي مكان آخر داخل البلاد بموافقة الجمعية العامة للمحكمـة، ويكـون لـهـا موازنـة مستقلة، يناقشـها مجلـس النـواب بكامـل عناصرها، وتدرج بعد إقرارها في الموازنة العامة للدولة رقمـا واحـدا، وتقوم الجمعية العامة للمحكمة على شئونها، ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين المتعلقة بشئون المحكمة.
تشكيل المحكمة الدستورية العليا وتؤلف المحكمـة مـن رئيس وعدد كاف من الأعضاء، وتصدر أحكامها وقراراتها من سبعة أعضاء ويرأس جلساتها رئيسها أو أقدم أعضائها وعند خلو منصب الرئيس أو غيابه أو وجود مانع لديـه يقـوم مقامه الأقدم فالأقدم من أعضائها في جميع اختصاصاته.
ويشترط فيمن يعين عضوا بالمحكمة أن تتوافر فيه الشروط العامة اللازمة لتولى القضاء طبقاً لأحكام قانون السلطة القضائية، وإلا تقل سنة. عن خمس وأربعين سنة ميلادية، ويكون اختياره من بين الفئات الآتية:
(أ) أعضاء المحكمة العليا الحاليين.
(ب) أعضاء الهيئات القضائية الحاليين والسابقين ممن أمضوا في وظيفة مستشار أو ما يعادلها خمس سنوات متصلة على الأقل.
(ج) أساتذة القانون الحاليين والسابقين بالجامعات المصرية ممن أمضوا في وظيفة أستاذ ثماني سنوات متصلة على الأقل. (د) المحامين الذين اشتغلوا أمام محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا عشر سنوات متصلة على الأقل. اختصاصات المحكمة الدستورية العليا وتختص المحكمة الدستورية العليا بما يلي –
الاختصاص الأول: الرقابة على دستورية القوانين واللوائح: وتتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه الآتي:
(أ)إذا تراءى لإحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النـزاع، أوقفـت الـدعوى وأحـالـت الأوراق بغيـر رسـوم إلـى المحكمـة الدستورية العليا للفصل في المسألة الدستورية. وتنطبق هذه القاعدة أيا كانت المحكمة أو الجهة القضائية التي تتبعها هذه المحكمة ، لذلك فإن الإحالة جائزة من أي محكمة من محاكم جهة القضاء العادي سواء مدنية أو جنائية أو محكمة متخصصة ، كما انها جائزة من أي محكمـة مـن مـحـاكم جهـة القضاء الإداري ، كمـا انـهـا جـائزة مـن محكمـة استثنائية كالمحاكم العسكرية، فلفظ المحكمة الوارد في النص شامل لجميع أنواع المحاكم في نظام القضاء المصري نظـرا لطبيعة وظيفة المحكمة الدستورية في هذا النظام وهي الفصل في دستورية القوانين التي تطبقها جميع المحاكم بجميع انواعها والجهات التابعة لها.
وإذا قررت المحكمة أو الهيئة…. الخ إحالة مسألة الدستورية إلى المحكمة الدستورية العليا، فطبقا لنص الفقرة الأولى من المادة 29 مـن قـانـون المحكمة الدستورية العليـا يجـب على المحكمة أن تحكـم بوقـف الـدعوى المنظورة أمامها لحين الفصل في مسألة الدستورية، فهذا الوقف هو وقف قضائي وجوبي بحكم وليس وقفا قانونيا بقوة القانون، ولا يجوز للمحكمة ان تستمر في نظر الدعوى رغم إحالة النص التي تراي لها عدم دستوريته إلى المحكمة الدستورية العليا، وإلا كان حكمها باطلا.
وطبقا لنص المادة المذكورة فإن قرار الإحالة للمحكمة الدستورية العليا للفصل في مسألة الدستورية يكون بغير رسوم. وفيما يتعلق بالكفالة فنعتقد أن قرار الإحالة في هذا الفرض أيضا يكون بغير كفالة، لأنه إذا كانت المادة 53 مـن قـانون المحكمة الدستورية العليـا قـد أوجبت على المدعي إيداع كفالة عند تقديم صحيفة هذه الدعوى، وتكون هذه الكفالة واحدة في حالة تعدد المدعين إذا رفعوا دعواهم بصحيفة واحدة، فإن الفرض الذي نحن بصدده لم يقم المدعي يرفع الدعوى، وإنما إحيلت الأوراق من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا فكان طبيعيا ألا يكون هناك كفالة.
ويتضمن قرار الإحالة المتقـدم بـيـان الـنص التشريعي المطعـون بـعـدم دستوريته والنص الدستوري المدعى بمخالفته وأوجه المخالفة.
ب) إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعادا لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم تُرفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن.
3- وقد تقضي المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القانون المطعون فيه إذا وجدته مخالفا لأي من نصوص الدستور أو المبادئ الدستورية، كما قد تقضي برفض الطعن بعدم الدستورية.
ويتبين من الحالات الثلاث المتقدمة أنه يتعين أن يتوافر شرطان خاصان لقبول نظر مسألة الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا.
الشرط الأول: أن تعرض هذه المسألة بصفة عارضة أي بمناسبة دعاوى أو منازعات قائمة أمام المحاكم أو الهيئات أو أمام المحكمة الدستورية العليا ذاتها
ويعتبر شرط كون المنازعة على مسألة الدستورية منازعة عارضة شرطا للقبول أمام المحكمة الدستورية العليا، لأنه قيد على سلطة الأشخاص في الالتجاء إلى القضاء أي المطالبة بالحماية القضائية، وقيـد علـى سـلطة المحكمة الدستورية في منح الحماية القانونية وهما يتعلقان بقبول الدعوى. وهذا الشرط متعلق بالنظام العام بحيث إذا تبين للمحكمة الدستورية العليا أن المطروح أمامها دعوى مبتدأه للمطالبة بعدم دستورية نص أو لائحـة فيجب عليها أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم قبول الدعوى
الشرط الثاني: أن يكون تعرض المحكمة الدستورية العليا لمسالة الدستورية بمناسبة نص أو لائحة وراء إعمالها على الدعوى أو النزاع القائم
فلا يجوز لها أن تفصل في دستورية نص قانوني أو لائحـة فـي إحـدى الحالات المتقدمة إذا لم يكن هذا النص أو اللائحة مطلوبا إعماله على الدعوى أو النزاع المعروض.
وهذا الشرط أيضا متعلق بالنظام العام بحيث إذا تبين للمحكمة الدستورية العليا أن النص المدعى عدم دستوريته غير مطلوب إعماله على الدعوى أو النزاع فوجب عليها أن تقضى من تلقاء نفسها بعدم قبول الدعوى.
الحجية المطلقة لأحكامها في الدعوى الدستورية
الحجية المطلقة لأحكامها تفرر في الدعاوى الدستورية سواء كان الحكم قد قضى بعدم دستورية النص الطعين أو يرفض الدعوى أو بعدم قبولها اصلا في مسالة دستورية بما يلزم كل سلطة في الدولة بما فيها الجهات القضائية على اختلافها باحترام قصـائها وتنفيذ مقتضاه على وجهه الصحيح.
1- فإذا قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة معينة، فإنه يترتب على ذلك عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم، ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخا آخر أسبق فحكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص أو قانون معين يؤدي إلى حسم النزاع حول دستورية القانون بصفة باتة، وبالتالي لا يسمح في المستقبل بإثارة هذه المشكلة من جديد، كما لا يجوز للمحاكم تطبيقه على أي نزاع يطرح عليها بعد صدور حكم المحكمة الدستورية العليا. كما تعد أحكام المحكمة الدستورية العليا ملزمة للسلطة التشريعية، بحيث يجب عليها القيام بإلغاء النص القانوني الذي قضى بعدم دستوريته أو تقوم بتعديله بحيث يكون متناسباً مع الحكم الصادر.
إلا انه اذا كان صدور قانون أو قرار بقانون يعكس بصفة نهائية وشاملة التصفية التي تقرر السلطة التشريعية أو التنفيذيـة ضـرورتها لإنهاء كافة الآثار المخالفة للدستور التـي رتبهـا الـنص التشريعي المحكـوم بـعـدم دستوريته خلال فترة نفاذة، وإن كان أمرا مرغوباً فيه بالنظر إلى ما تؤول إليه هذه التصفية من رد الحقوق المختلفة التي عطلها هذا النص أو قيدها إلى أصحابها دون تمييز، إلا أن تدخل السلطة التشريعية أو التنفيذية على هذا النحو، لا يتمحض طريقا وحيدا لإعمال آثار الأحكام الصادرة عن هذه المحكمة في المسائل الدستورية. هذا بالإضافة إلى أن إقرار قانون أو إصدار قرار بقانون في موضوع معين، هو مما تستقل السلطتان التشريعية والتنفيذية بتقديره وفقاً لأحكام دستورية هذا النص. وإذا كـان الـحـكـم بعـدم الدستورية متعلقـا بـنص جنـانـي فـإن الأحكـام التـي صدرت بالإدانة استنادا إلى ذلك النص يعتبر كأن لم يكن، ويقوم رئيس هيئة المفوضين بتبليغ النائب العام بالحكم فور النطق به لإجراء مقتضاه.
2- أما إذا قضت برفض الدفع بعدم دستوريته، فلا يجوز بعد ذلك للمحاكم الامتناع عن تطبيق هذا القانون لأن حكم المحكمة الدستورية العليا ملزم للكافة وامتناع المحاكم عن تطبيق مثل هذا القانون فيه مخالفة للقانون.
وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض بأنه “لمـا كـان ذلك وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بجلسة 4/5/1985 برفض دعوى عدم دستورية نص المادة 226 من القانون المدني ونشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية ب تاريخ16/5/1985) وهـو حـكـم مـلـزم لكافـة سـلطات الدولـة فـإن الحكـم المطعون فيه إذ قضى رغم ذلك بتأييد الحكم المستأنف فيما انتهى إليه من إهدار لنص المادة 226 من القانون المدني لتعارضها مع أحكام الشريعة الإسلامية التي اعتبرها الدستور مصدرا أساسيا للتشريع يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه
الاختصاص الثاني: – الفصل في تنازع الاختصاص بتعيين الجهة المختصة من بين جهات القضاء أو الجهات ذات الاختصاص القضائي
وذلك إذا رفعت الدعوي عن موضوع واحـد أمـام جهتين منها ـ ولم تتخل إحداهما عن نظرها أو تخلت كلتاهما عنها (سنتناول هذا الموضوع فيما بعد).
الاختصاص الثالث: الفصل في النزاع الذي يقـوم بشـان تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين.
صادر احـدهما من اي جهة مـن جـهـات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي والآخر من جهة اخرى منها. (سنتناول هذا الموضوع فيما بعد).
الاختصاص الرابع: تفسير نصوص القوانين
كما تختص المحكمة الدستورية العليا بتفسير القوانين الصادرة من السلطة التشريعية والقرارات بقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية وفقا لأحكام الدستور، وذلك إذا أثارت خلافاً في التطبيق، وكـان لـهـا مـن الأهميـة مـا يقتضي توحيد تفسيرها. ويقدم طلب التفسير من وزير العدل بناء على طلب مجلس الوزراء أو رئيس مجلس الشعب أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية.
ويجب أن يبين في طلب التفسير النص التشريعي المطلوب تفسيره وما آثـاره مـن خـلاف في التطبيـق ومـدى أهميته التي تستدعي تفسيره تحققا لوحدة تطبيقه.
ويكون هذا التفسير ملزمـا لـهـا ولكافة السلطات في الدولة كما هو الحال بالنسبة لقرارات تفسير القوانين.
وهي في ذلك لا تنشئ حكمـا جديدا بل تكشف عن حكم القانون بتفسير نصوصه وتبين قصد المشرع منه، وبذلك يكون لقرارها ذات قوة النص الذي انصب عليه التفسير.
ومـن مقتضـى اختصاص المحكمـة العليـا بالتفسير الملـزم للنصـوص التشريعية أن يكون لها وحدها تقدير توافر شروط قبول طلب التفسير بحيث لا يقبل من أية جهة قضائية أن تبحث تلك الشروط أو تناقشها توصلا إلى التحلل من القوة الملزمة لقرار التفسير.
الاختصاص الخامس: اختصاص المحكمة الدستورية العليا بمنازعات تنفيذ الأحكام الصادرة منها
حيث تنص المادة50 من قانون المحكمة الدستورية العليا على أن (تفصل المحكمة دون غيرها في كافة المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة منها).
فطبقا لهذا النص فإن المحكمة الدستورية العليا هي المختصة دون قاضي التنفيذ بمنازعات تنفيذ الأحكام الصادرة منها.
عوائق تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا
قوام منازعة التنفيذ التي يدخل الفصل في اختصاص المحكمة الدستورية العليا وفقا لنص المادة 50 من قانونها، أن تعترض هذا التنفيذ عوائق تحـول قانونا بمضمونها أو أبعادها دون اكتمال مداه، وتعطل بالتالي، أو تقيد، اتصال حلقاته، وتضاممها، بما يعرقل جريان آثاره بتمامها دون نقصان.
ومن ثم تكـون عوائق التنفيذ هذه، هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، وغايتها النهائية إنهاء الآثار القانونية الناشئة عن هذه العوائق أو الملازمة لها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها، وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها وكلمـا كـان التنفيـذ متعلقـا بـحـكـم صـدر عـن المحكمة الدستورية العليا، فـإن حقيقـة مضمونة، ونطاق القواعد القانونية التي يضمنها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازما لضمان فعاليته.
بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليـا لـهـدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنـال مـن جريان آثارها، في مواجهة الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين جميعهم يستوجب الملاحظات الآتية: –
1) لا يجوز اللجوء إلى هذه المحكمة، إلا كملاذ أخير، لإزاحـة عـوائـق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتحول دون جریان آثارها.
فإذا كانت المنازعة لا زال أمرهـا مطروحـاً أمام محكمة الطعن، فيجب الانتظار لحين معرفة مصير المنازعة امامها، وبالتالي لا يجوز اللجوء في هذه المرحلة المبكرة للمحكمة الدستورية العليا لطلب ازالة عوائق تنفيذ حكمها، إذا ان مثل هذا العائق لم يوجد حتى اللحظة.
2) منازعات التنفيذ تدور وجوداً وعدماً، مع نطاق حجية الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا، ولا تتعداه إلى غيره من النصوص التشريعية ولو تشابهت معها.
3) أن إمتناع السلطة التشريعية عن إقرار تنظيم تشريعي في هذا النطاق، لا يعتبر بمثابة عقبة قانونيـة تـحـول بـذاتها دون إنفاذ الأحكام الصادرة في المسائل الدستورية وفرضها على المعارضين لها لضمان النزول عليها. الموقف السلبي للسلطة، إذ لا يعكـس بطبيعتـه إجـراء يناهض أحكـام المحكمة الدستورية العليا ويرمي إلى تعطيل تنفيذها. ولا محاجة في القول بأن تنفيذ الأحكام الصادرة في المسائل الدستورية لن يكون ممكنـا بغيـر التدخل التشريعي، ذلك أن الامتناع عن تنفيذ الأحكـام القضائية أيا كانت الجهة التي أصدرتها من قبل المسئولين عن إعمال مقتضاها يعد جريمة معاقبا عليها قانونا، وفقا لنص المادة 72 من الدستور وتطبيقا لذلك قضت بانـه إذ أقام المدعي المنازعة الماثلة بوصفها منازعة تنفيذ مبناهـا قـالـة أنـه بغيـر صـدور قانون من السلطة التشريعية أو قرار بقانون عن السلطة التنفيذية برد الأموال التي أممها العهد الناصري عيناً إلى أصحابها، فإن الأحكام التي أصدرتها المحكمة الدستورية العليا في هذا النطاق تغدو مجرد رد أحكام أفلاطونية لا تقترن بالتنفيذ الكامل لمضمونها مما يعـدم قيمتـهـا.
وكـان صـدور قانون أو قرار بقانون يعكس بصـفة نهائيـة وشاملة التصفية التي تقرر السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية ضرورتها لإنهاء كافة الآثار المخالفة للدستور التي رتبها النص التشريعي المحكوم بعدم دستوريته خلال فترة نفاذة، وإن كان أمرأ مرغوباً فيه بالنظر إلى ما تؤول إليه هذه التصفية من رد الحقوق المختلفة التي عملها هذا النص أو قيدها إلى أصحابها دون تمييز، إلا أن تدخل السلطة التشريعية أو التنفيذية على هذا النحو، لا يتمحض طريقاً وحيداً لإعمال آثار الأحكام الصادرة عن هذه المحكمة في المسائل الدستورية هذا بالإضافة إلى أن إقرار قانون أو إصدار قرار بقانون في موضوع معين، هو مما تستقل السلطات التشريعية والتنفيذية بتقديره وفقاً لأحكام الدستور. ولا يجوز بالتالي حملهما على التدخل في زمن معين، أو على نحو ما كذلك فإن قعودهما عن إقرار تنظيم تشريعي في هذا النطاق، لا يعتبر بمثابة عقبة قانونية تحول بذاتها دون إنفاذ الأحكام الصادرة في المسائل الدستورية وفرضها على المعارضين لها لضمان النزول عليها. بل يعتبر موقفاً سلبياً لا يكشف عن إجراء يناهض مضمونها. ولكل ذي شأن ولو لم يكن طرفا في الدعوى الدستورية – أن يقيم دعـواه أمـام محكمة الموضوع التي تتولى بنفسها إنـزال قضـاء المحكمة الدستورية العليا عليها لرد غائلة العدوان عنها.
4) لا عائق للتنفيذ إذا أمكن تنفيذ احكام المحكمة الدستورية العليا عينا أو عن طريق التعويض فاذا كان الاصل هو الحق في اقتضاء تنفيذ قضاء هذه المحكمة عينـا كلما كان ذلك ممكناً، فانه عند استحالة التنفيذ العيني لحكم المحكمة الدستورية العليا فيمكن أن يصار إلى التنفيذ بمقابل أي عن طريق التعويض ولذلك إذا امتنعت الجهة المعنية عن تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا فإن ذلك يعد إنكار لحجيتها المطلقة، ويشكل ركن الخطأ في المسئولية التي يقوم الحق في التعويض بتوافر أركانها. 5) تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليـا عينا أو بالتعويض منوط بمحكمة الموضوع وكلا الأمرين – التعويض والرد – منوط بمحكمة الموضوع وحدها ولكل ذي شأن – ولو لم يكن طرفا في الدعوى الدستورية – أن يلوذ بها لاقتضاء الحقوق التي عطلها النص التشريعي المحكوم بعدم دستوريته أو قيدها، وذلك بأن يقيم لطلبها دعواه أمام محكمة الموضوع التي تتولى بنفسها إنزال قضاء المحكمة الدستورية العليا عليها لرد غائلة العدوان عنها.
5) المحكمة الدستورية العليا، وهي بصدد ممارستها لاختصاصها بالفصل في منازعات التنفيذ في أحكامها، لا تعد جهة طعن في الأحكام القضائية، ولا تمتد إلى بحث مطابقتها لأحكام القانون أو تقـويـم مـا قـد يـشـوبـها مـن عوج.
6) ) المحكمة الدستورية العليا، وهي بصدد ممارستها لاختصاصها بالفصل في منازعة التنفيذ في أحكامها، لا يجوز ابداء طلبات موضوعية أمامها من خلال دعاوى منازعات التنفيذ التي تنظرها.
7) عوائق التنفيذ، لا تمتد إلى أي عمل تمهيدي، أو إجراء افتتاحي يدخل ضمن سلسلة من الإجراءات التي تشكل في مجموعهـا عمـلأ قانونيـاً مكتملاً.
8) عقبات التنفيذ، ينبغي أن تكون لاحقـة علـى صـدور الحكم الدستوري المنازع في تنفيذه، بل هي تلك العوائق سواء بطبيعتها، أو بالنظر إلى نتائجها – التي تحول دون تنفيذ أحكامها، أو مقيدة لنطاقها.
9) أن يكون استنادها إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيا بها، ممكنا فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها
10)يدخل في سلطة المحكمة الدستورية العليا إزالة أي عقبة تعترض تنفيذ حكمها ولو كانت هذه العقبة عمل تشريعي أو حكم قضائي بات أو قرار إداري أو قرار أمر رئاسي.
ومن أمثلة عدم الاعتداد بالأحكام القضائية الصادرة من محاكم الموضوع باعتبارها عقبه فـي تنفيذ أحكامها ما قضت به من إنـه لـمـا كـان الحكمـان الصادران من المحكمة الدستورية العليا في القضيتين الدستوريتين قد انتهيا إلى عدم دستورية نص الفقرة الأخيرة في شأن الأسلحة والذخائر، المستبدلة بالمادة الأولى من المرسوم، فيما تضمنه من استثناء تطبيق أحكام المادة من قانون العقوبات، بالنسبة للجرائم المنصوص عليها بالفقرة الثانية والثالثة والرابعة من المادة ذاتها؛ وتبعا لذلك؛ ينصرف أثر هذين الحكمين إلى إزالة القيد الوارد على السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بنص الفقرة الأخيرة من المدة المشار إليها، وهو القيد المتمثل في عدم جواز النزول بالعقوبة؛ بما يجعل حكمها – بعد إزالة هذا العيد – أقل وطأة؛ إذا ارتأت استعمال سلطتها التقديرية طبقا لنص المادة من قانون العقوبات، ومن ثم يكون حكم محكمة جنايات الإسكندرية المشار إليها، فيما تضمنه من عدم إمكان استعمال تلك السلطة التقديرية، مخالفا لما قضت به المحكمة الدستورية العليا في حكميها الأنفي الذكر، وتبعا لذلك يشكل عقبة عطلت تنفيذ هذين الحكمين؛ مما يتعين معه القضاء بإزالتها، وما يترتب على ذلك من إعادة نظر الدعوى الموضوعية واسترداد محكمة جنايات الإسكندرية سلطتها التقديرية في هذا الصدد؛ نتيجة الأثر الكاشف لحكمي المحكمة الدستورية العليا إعمالاً لأحكام المادة من قانونها على النحو السالف البيان.
ومن امثلة عدم الاعتداد بقرار رئيس الجمهورية باعتباره عقبة في تنفيذ احكاماها ما قضت به باختصاصها بمنازعات تنفيذ حكمها الصادر بعدم دستورية قانون انتخابات مجلس الشعب وأن تكوين المجلس بكاملـه يكـون باطلاً منذ انتخابه، بما يترتب عليه زوال وجـوده بقوة القانون اعتباراً من تاريخ الحكم بعد دستوريته، وإذ أصدر رئيس الجمهورية القرار رقم 11 لسنة 2012 بتاريخ 2012/7/8، مشيراً في ديباجته إلى الحكم المشار إليـه – وناصاً في مادته الثانية على عودة مجلس الشعب المنتخب لعقد جلساته وممارسة اختصاصاته المنصوص عليها في الإعلان الدستوري، ومن ثم يكون ذلك القرار عقبـة أمـام تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا سالف الإشارة، وبالتالي يجب الحكم بوقف تنفيذ هذا القرار ليعود للحكم ببطلان مجلس الشعب اثره في اعتبار تكوينه باطلا وعدم جواز عودته للانعقاد.
المطلب الرابع: جهة القضاء العسكري
وتنص المادة (204) منه على ان القضاء العسكري جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصـل في كافة الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادهـا ومـن فـي حكمهـم، والجرائم المرتكبـة مـن أفـراد المخابرات العامة أثناء وبسبب الخدمة.
ولا يجوز محاكمة مدني أمام القضاء العسكري إلا في الجرائم التي تمثل اعتداء مباشر أعلى المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة أو ما في حكمها، أو المناطق العسكرية أو الحدودية المقررة كذلك، أو معداتها أو مركباتها أو أسلحتها أو ذخائرها أو وثائقها أو أسرارها العسكرية أو أموالها العامة أو المصانع الحربية أو الجرائم المتعلقة بالتجنيد، أو الجرائم أنتج تمثل اعتداء مباشرا على ضباطها أو أفرادها بسبب تأدية أعمال وظائفهم.
ويحدد القانون تلك الجرائم، ويبين اختصاصات القضاء العسكري الأخرى. وأعضاء القضاء العسكري مستقلون غير قابلين للعزل، وتكون لهم كافة الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطة القضائية.
والمحاكم العسكرية هي:
1) المحكمة العسكرية العليا تشكل المحكمة العسكرية العليا من ثلاث ضباط قضاه برئاسة أقدمهم على إلا تقل رتبته في جميع الأحوال عن مقدم وممثل للنيابة العسكرية. يجوز في الأحوال الخاصـة تشكيل المحكمة العسكرية العليـا مـن خمس ضباط. وتختص المحكمة العسكرية العليا بالنظر في الآتي:
أ- كافة الجرائم التي يرتكبها أو يساهم فيها الضباط.
ب-الجنايات الداخلة في اختصاص القضاء العسكري طبقا لهذا القانون.
2) المحكمة العسكرية المركزية لها سلطة العليا
تشكل المحكمة العسكرية المركزية ويكون لها السلطة العليا من قاضي منفرد لا تقل رتبته عن مقدم وممثل للنيابة العسكرية. ويكون مع المحكمة كاتب يتولى تدوين ما يدور في الجلسة.
يجوز في الأحوال الخاصة تشكيل المحكمة العسكرية لها سلطة العليا، من ثلاث ضباط – وتختص المحكمة العسكرية المركزية لها سلطة العليـا بـالنظر في كافة الجنايات الداخلة في اختصاص القضاء العسكري طبقا لهذا القانون والتي لا يزيد الحد الأقصى المقرر للعقوبة فيها عن السجن.
3) المحكمة العسكرية المركزية
تشكل المحكمة المركزية العسكرية من قاضي منفرد لا تقل رتبته عن نقيب وممثل النيابة العسكرية، ويكون مع المحكمة كاتب يتولى تدوين مـا يـدور في الجلسة.
يجوز في الأحوال الخاصة تشكيل المحكمة المركزية من ثلاث ضباط. وتختص المحكمة العسكرية المركزية بالنظر في الجنح والمخالفات طبقا لهذا القانون.
ولا يجوز محاكمة العسكريين أمام محكمة يكون رئيسها أحدث منه رتبة، ويكون مع المحكمة كاتب يتولى تدوين ما يدور في الجلسة.