Menu Close

تشارلز داروين

تشارلز داروين

تشارلز روبرت داروين (بالإنجليزية: Charles Robert Darwin) عالم تاريخ طبيعي وجيولوجي بريطاني ولد في إنجلترا في 12 فبراير 1809 في شرو سبوري لعائلة إنجليزية علمية وتوفي في 19 أبريل 1882. والده هو الدكتور روبرت وارنج داروين، وكان جده “ارازموس داروين” عالماً ومؤلفاً بدوره.

اكتسب داروين شهرته كمؤسس لنظرية التطور والتي تنص على أن كل الكائنات الحية على مر الزمان تنحدر من أسلاف مشتركة ، وقام باقتراح نظرية تتضمن أن هذه الأنماط المتفرعة من عملية التطور ناتجة لعملية وصفها بالانتقاء (الانتخاب) الطبيعي، وكذلك الصراع من أجل البقاء له نفس تأثير الاختيار الصناعي المساهم في التكاثر الانتقائي للكائنات الحية. ومن خلال ملاحظاته للأحياء قام داروين بدراسة التحول في الكائنات الحية عن طريق الطفرات وطوّر نظريته الشهيرة في الانتخاب الطبيعي عام 1838 م. ومع إداركه لردّة الفعل التي يمكن أن تحدثها هذه النظرية، لم يصرّح داروين بنظريته في البداية إلا إلى أصدقائه المقربين في حين تابع أبحاثه ليحضّر نفسه للإجابة على الاعتراضات التي كان يتوقعها على نظريته. وفي عام 1858 م بلغ داروين أن هنالك رجل آخر، وهو ألفريد رسل ووليس، يعمل على نظرية مشابهة لنظريته مما أجبر داروين على نشر نتائج بحثه.

يعد داروين من أشهر علماء علم الأحياء. ألف عدة كتب في ما يخص هذا الميدان لكن نظريته الشهيرة واجهت انتقاد كبير وخصوصاً من طرف رجال الدين في جميع أنحاء العالم، دارون نفسه ظل حائراً في ما عرف بما سماه الحلقة المفقودة، التي تتوسط الانتقال من طبيعة القردة للإنسان الحديث. في عام 1859 م، قام داروين بنشر نظرية التطور مع أدلة دامغة في كتاب (أصل الأنواع) متغلباً على الرفض الذي تلقاه مسبقاً من المجتمع العلمي على نظرية تحول المخلوقات. في 1870 م، تقبل المجتمع العلمي والمجتمع عامة نظرية التطور كحقيقة.مع ذلك كان الكثير يفضلون التفسيرات الأخرى، واستمر ذلك حتى نشوء التوليفة التطويرية الحديثة، (1930 م – 1950 م) حيث أصبح هناك إجماع واسع على أن الاستمرار الطبيعي كان المحرك الأساسي للتطور. وبصياغة أخرى فإن اكتشاف داروين العلمي هو نظرية موحدة لكل علوم الأحياء وموضحة للتنوع فيها.

قاده اهتمامه المبكر بالطبيعة إلى إهمال تعليمه الطبي في جامعة أدنبرة؛ فبدلاً من دراسة الطب قام بالمساعدة بالدراسات التي تجريها جامعة كامبريج بالتحقيق عن اللافقريات البحرية. وهذا عزز حبه للعلوم الطبيعية وجعلته رحلته على (سفينة بيجل التابعة للملكية البريطانية HMS Beagle) ذات الـخمس سنوات عالم جيولوجيا بارز حيث دعمت ملاحظاته ونظرياته أفكار العالم تشارليز ليل (Charles Lyell)وكذلك نشره لمذكرات رحلته جعل منه كاتباً مشهوراً. كان مأخوذاً بالتوزيع الجغرافي للحياة البرية والأحافير التي جمعها أثناء رحلته. وفي عام 1838 م، بدأ داروين بتحقيقات دقيقة رسخت نظريته في الانتقاء الطبيعي. وعلى الرغم من مناقشة أفكاره مع العديد من علماء الطبيعة، إلا أنه احتاج إلى مزيد من الوقت ليقوم ببحث مستفيض، وكان لعمله الجيولوجي الأولوية.

في عام 1859 م، عندما كان يكتب نظريته قام العالم ألفريد راسيل والس (Alfred Russel Wallace) بإرسال مقالاً إليه شارحاً به نفس الفكرة مما دفعهم لنشر منشور مشترك يضم كلا النظريتين نظرية داروين عن أصل التطور قامت بالشرح والتفسير العلمي للتنوع في الطبيعة. في عام 1871 م، دَرسَ تطور الإنسان والانتقاء الجنسي في كتاب (علاقة أصل الإنسان والاختيار بالجنس)، يتبعه بـ (التعبير عن العواطف عند الإنسان والحيوان). وقد نَشرت أبحاثه عن النباتات في سلسلة من الكتب، وفي كتابه الأخير، قام بفحص ديدان الأرض وتأثيرها على التربة. وتقديراً لتفوقه كعالم كُرِّم داروين بجنازة رسمية وتم دفنه في كنيسة وستمنستر (Westminster Abbey) بالقرب من جون هرشل وإسحاق نيوتن وقد وّصف دارون كواحد من أكثر الشخصيات المؤثرة في العالم.

طفولته وتعليمه

وُلد تشارلز روبرت داروين في مدينة شروسبري (Shrewsbury) في مقاطعة شروبشاير بإنجلترا في الثاني عشر من فبراير عام 1809 في منزل عائلته، ذا ماونت. كان الخامس من بين ستة أطفال؛ والدهم روبرت داروين (Robert Darwin)، طبيب وخبير مالي ينتمي لمجتمع غني، ووالدتهم سوسانا داروين (Susannah Darwin) (مولود ويدقود née Wedgwood). كان داروين حفيداً لإراسموس داروين (Erasmus Darwin) من جهة أبيه ولـ يوشيا ويدقود (Josiah Wedgwood)، من جهة أمه. كِلا الأسرتين كانتا من طائفة الأسر التوحيدية (وهو مذهب مسيحي يعتقد بوحدانية الله ويرفض التثليث) بالرغم من أن أسرة ويدقود كانت تنتمي للكنيسة الأنجليزية. قام روبرت داروين، وهو مفكر حر، بتعميد الطفل تشارلز في كنيسة سانت تشاد الأنجليزية بشروزبري في نوفمبر تشرين الثاني عام 1809، لكن تشالرز وإخوته انضموا مع أمهم إلى الكنيسة التوحيدية. كان لدى تشارلز – ابن الثماني سنوات – ميلاً نحو التاريخ الطبيعي والتحصيل عندما انضم عام 1817 إلى المدرسة النهارية التي يديرها الواعظ. توفيت أمه في يوليو من ذلك العام. وفي سبتمبر عام 1818 انضم هو وأخوه الأكبر إيراسموس (Erasmus) إلى مدرسة شريوزبري الأنجليزية (Shrewsbury School) كتلميذ داخلي. قضى داروين صيف عام 1825 كطبيب متدرب، حيث كان يساعد أباه في علاج فقراء مقاطعة شروبشاير وكان ذلك قبل ذهابه إلى كلية الطب بجامعة أدنبرة (University of Edinburgh Medical School) مع شقيقه إيراسموس في أكتوبر عام 1825. وجد داروين المحاضرات مملة والجراحة مقلقة، فتجاهل دراسته. وتعلم التحنيط من جون إدمونستون (John Edmonstone)، وهو رجل اكتسب حريته حديثا بعد أن كان مستعبدا كان قد رافق تشارلز واترتون (Charles Waterton) في الغابات المطيرة في أمريكا الجنوبية، وكان غالباً ما يجلس مع “هذا الرجل الذكي واللطيف جداً”.
انضم في سنته الثانية إلى جمعية بلينيان وهي نادي للطلاب المهتمين بالتاريخ الطبيعي، الذين انحرفت نقاشاتهم نحو المادية المتطرفة. قدم داروين المساعدة لروبرت آدموند (Robert Edmond Grant’s) في أبحاثه عن تشريح ودورة حياة اللافقاريات البحرية في فيرث أو فورث (Firth of Forth).

وفي السابع والعشرين من مارس عام 1827 قدّم اكتشافه الخاص في جمعية بلينيان بأن الأبواغ السوداء التي وُجدت في المحارة كانت بيض لسمك الورنك.
في يومِ ما، امتدح جرانت أفكار لامارك عن النشوء (Lamarck’s evolutionary ideas). فاجأ ذلك داروين لكنه كان قد قرأ مؤخراً أفكار مشابهة لجده إيراسموس فظل غير مكترث. كان فصل التاريخ الطبيعي لروبرت جيمسون (Robert Jameson’) يُشعر داروين بالملل، والتي تغطي الجيولوجيا بالإضافة إلى مناقشة بين النبتونية (Neptunism) والبلوتونية (Plutonism). تعلم تصنيف النباتات وساعد في العمل على تشكيلات متحف الجامعة، واحدٌ من أكبر المتاحف في أوروبا في ذلك الوقت.
إن إهماله للدراسات الطبية جعل والده ينزعج مما حدا به إلى إرساله إلى كلية المسيح بكامبردج للحصول على بكالوريوس الفنون كخطوة أولية ليصبح رجل دين بالكنسية الانجيلية. كان دارون غير مؤهل للحصول على درجة التريبوز (Tripos) ولذلك التحق بالبرنامج الدراسي الاعتيادي في يناير 1828. لقد فضل داروين ركوب الخيل والرماية بدلاً من الدراسة.
حفزه ابن عمه وليام داروين فوكس (William Darwin Fox) على جمع الخنافس وفعلاً كان داروين يستمتع بذلك ونشرت له بعض الرسومات التوضيحية في دورية ستيفن للحشرات البريطانية. أصبح داروين صديقاً مقرباً من أستاذ علم النباتات جون ستيفنز هنسلو (John Stevens Henslow) وتعرف أيضا على آخرين من المهتمين بالطبيعة والذين كانو ينظرون للعلم من زاوية دينية بحتة.
أصبح داروين فيما بعد معروفاً بـ ” الرجل الذي يمشى مع هنسلو”.
وعند اقتراب الامتحانات كان دارون شديد التركيز في الاستذكار ومبدياً إعجابه باللغة والحجج القوية لـوليام بالي (William Paley) في (البرهان على المسيحية).
وفي نهاية يناير من عام 1831 حصل دارون على المركز العاشر من بين 178 كانوا مترشحين للحصول على الدرجة العادية من الجامعة. كان على داروين أن يواصل في الجامعة حتى شهر يونيو. لقد تمكن من دراسة نظرية بالي الطبيعية المستمدة من الدين والتي كانت بمثابة دليل على دور الإله في الطبيعة مع شروحات تصف كيفية حركة الطبيعة وقوانينها من خلال القوة الإلهية.
قرأ داروين كتاب جون هرشل (John Herschel) الجديد آنذاك ،الذي وصف الغاية المُثلى من فلسفة الطبيعة من خلال الاستدلال المبني على عنصر الملاحظة، وكذلك قرأ السيرة الشخصية لـ الكسندر فون همبلد (Alexander von Humboldt’s) التي كتب فيها عن رحلاته العلمية.
استوحى دارون من كتاب “الحماس الحارق” فكرة لعمل زيارة إلى تنريفي (Tenerife) مع بعض زملائه في الدراسة بعد التخرج وذلك من أجل دراسة التاريخ الطبيعي في المناطق المدارية. ولأجل الإعداد للأمر التحق داروين بمقرر الجيولوجيا لآدم سيجويك (Adam Sedgwick) ثم سافر معه لمدة أسبوعين وذلك لعمل مخطط للطبقات الصخرية في ويلز.

رحلة البيغل.
بعد أسبوع من مكوثه في بارموث مع أحد أصدقاء الدراسة، عاد دارون إلى منزله في يوم 29 من شهر أغسطس ليعُثر على رسالة من هنسلو تعتبرُه رجُل الطبيعة الأمثل، الذي سيحصُل على رحلة مُمَوّلة على متن سفينة البيغل (HMS Beagle) بقيادة القُبطان روبرت فيتزروي (Robert FitzRoy)، الذي سيكون أكثر من مجرد رفيق رحلة. وقد كانت السفينة في رحلة مُدتها أربعة أسابيع لاستكشاف ورسم الخط الساحلي لأمريكا الجنوبية. اعترض روبرت داروين على رحلة ابنه البحرية والمُقررة لعامين، معتبراً أنها مَضيعةً للوقت، ولكن صِهره (brother – in law) يوشيا ويدجود (Josiah Wedgwood) أقنعه بضرورة مشاركة ابنه. وبعد عدة تأجيلات، بدأت الرحلة البحرية في 27 ديسمبر من عام 1831، واستمرت ما يقارب الخمس سنوات. وكما كانت خُطة الكابتن فيزتوري، فقد قضى داروين مُعظم وقته آنذاك على اليابسة في المسح الجيولوجي ودراسة التاريخ الطبيعي للأنواع وكذلك رسم السواحل. لقد احتفظ داروين بما جمعه من ملاحظات بحذر وكذلك بما وضعه من أُطروحات ونظريات، وما بين فترة وأخرى كانت تُرسل عيِّناته إلى جامعة كامبردج مع نسخة من دوريته العلمية إلى أسرته. لقد كان لداروين بعضُ الخبرة في الجيولوجيا، وجمع وتشريح اللافقاريات، وأما في المجالات الأخرى فقد كان مُبتدئاً ويستعين بالخبراء. على الرغم مما كانوا يعانونه طِوال رحلتهم البحرية من دُوار البحر، فلم يمنع ذلك داروين من الكِتابة والتأليف بغزارة بينما هو على متن السفينة. مُعظم ملاحظاته وكتاباته في علم الحيوان كانت حول اللافقاريات البحرية، والتي تبدأ من العوالق البحرية التي يجمعها عندما تهدأ الأمواج. في أول توقف لهم على شاطئ سانتيقو (St. Jago) وجد داروين حزمة بيضاء متواجدة في سفوح الجبال البركانية ومن ضمنها أصداف بحرية. وقد أعطاه فيتزروي النسخة الأولى من (نظريات الجيولوجيا) لـتشارلز لايل والتي شكَّلت مفاهيم ارتفاع سطح الأرض أو هبوطه على فترات متباعدة. [II] ولقد رأى داروين الأمور من وجهة نظر لايل مفكراً ومحللاً ليكتب كتاباً عن الجيولوجيا (علم الأرض). وفي البرازيل سُرَّ داروين من رؤية الغابات الاستوائية ولكن ساءه مناظر العبودية. وأمَّا بيونتا ألتا في بتاقونيا (Punta Alta in Patagonia) فقد وجد أحافير عظمية لثدييات ضخمة منقرضة في أحد المنحدرات، بجانب أصداف بحرية حديثة، والتي تشير إلى الانقراض وعدم وجود علامات لكارثة أو تغيُّر في الطقس. أيضاً تعرَّف على ما يُدعى بـ (مجاثيريم) (Megatherium) الصغير عبر رؤية أسنانه والتصاقه بدرع عظمي والذي بدأ له لأول وهلة كنسخة عملاقة من حيوان المدرع المحلي. وقد أدَّى ذلك الكشف إلى إحداث جلبة واهتمام عند عودته إلى إنجلترا.. في رحلاته مع جوشيوس (gauchos) لاستكشاف الجيولوجيا وتجميع المزيد من الأحافير والتي أكسبته رؤية سياسية، اجتماعية وإنثروبولوجية (علم الإنسان) لكلٍ من السكان الأصليين والاستعماريين في وقت الثورة، وعلِم أن هناك نوعين من طيور الريا (rhea) المُختلفة والمتداخلة في الشكل. وكُلمَّا اتجه إلى الجنوب أكثر، رأى مجموعة من الأخشاب والأصداف البحرية كشواطئ مرتفعة وكأنها سلسلة من المرتفعات. وقام بقراءة النسخة الثانية لـ لايل وتقبَّل وجهة نظره حول (مركز الخلق الإلهي) للكائنات، ولكن اكتشافاته ونظرياته تحدَّت أفكار لايل باستمرار، بخصوص انقراض الكائنات.


نظرية داروين حول الجيولوجيا وانقراض الثدييات العملاقة، خلال المسح في سواحل أمريكا الجنوبية.

كان ثلاثة من الفيوجين (السكان الأصليين في تييرا ديل فيوغو بأمريكا الجنوبية) على متن السفينة والذي تم الاستيلاء عليهم في رحلة البيغل الأولى، وقضوا سنة كاملة في إنجلترا، وقد تمَّ إعادتهم إلى تييرا ديل فيوغو (Tierra del Fuego) كمُبشّرين. وجدهم داروين متحضرين وودودين، ولكن يبدو على أقربائهم ” البؤس والتدهور ” وهذا الاختلاف هو كالاختلاف بين الحيوانات البرية والمنزلية. بالنسبة لداروين هذه الاختلافات أظهرت فرقاً في التقدُّم الحضاري وبعيداً عن الدونية العنصرية. وعلى عكس زملائه العُلماء يعتقد الآن أنَّه ” لا يوجد فجوة يمكن ردمها بين الإنسان والحيوان ” بعد سنة من ذلك تمَّ وقف الرحلة. وكان أحد الفيوجين والذين أطلقوا عليه اسم جيمي بيوتن Jemmy Button ، قد عاش كأي مواطن وتزوج، ولم يكن لديه رغبة بالعودة إلى إنجلترا. عاصر داروين زلزالاً في تشيلي، ورأى علامات ومن ضِمنها بأن الأرض قد ارتفعت، وبلح البحر محصور في المد العالي. وعالياً في جبال الأنديز، شاهد أصداف بحرية وجذور شجرية نمت في شاطئ رملي. ووضع نظرية تقول : بينما الأرض ترتفع، والجزر المحيطية تغرق، تنمو الشُعب المَرجانية لتشكِّل جَزراً. في جزر جالاباقوس Galápagos Islands بحث داروين عن دليل يربط الحياة البرية بـ (مركز الخلق)، ووجد أنَّ الطيور المحاكية في تشيلي تختلف من جزيرة لأُخرى. وقد سمِع أنَّ هُناك اختلافاً بين أشكال صدف السلاحف، وهي تظهر من أي جزيرة أتت، ولكنَّهُ عَجز عن جمعها، حتى بعد أكلهِ للسلاحف المأخوذة على متن الرحلة كغذاء. أمَّا في أستراليا، فقد بدا حيوان الكنغر ذو الجراب، ومنقار البط، غير عاديين لداروين والذي اعتقد بأنَّ هُناك خالق آخر لهما. كما وجد أنَّ السُكان الأصليين لأستراليا هم شعبٌ لطيف وذوي حسٍ فُكاهي، كما لاحظ أنَّهم بدئوا في الاندثار نتيجة النزوح الأوروبي. قامت سفينة البيجل بالبحث والتنقيب عن أصل تكوين الجزر المرجانية المسماة بالكوكوس (كيلينج) (Cocos (Keeling) Islands)، مما دعَّم نظرية داروين. وخلال ذلك عمل فيتزوري على البدء في كتابة المُذكرات الوثائقية لرحلات سفينة البيجل، وبعد قراءته لمذكرات داروين طلب منه أن يُدرجها في هذا العمل الوثائقي. ولكن في نهاية المطاف تم إعادة كتابة مُشاهدات داروين في عدد ثالث من مجلة التاريخ الطبيعي. وفي العاصمة كيب تاون قابل داروين وفيتزروي شخصاً يُدعى جون هيرشيل (John Herschel)، والذي كَتب مُؤخراً إلى لييل، مُشيداً بفتحه المجال للتكهُنات الجريئة لأسرار الأسرار، وعملية استبدال الكائنات المنقرضة بأنواع أخرى والذي يتناقض مع قوانين الطبيعة. بدأ داروين خلال العودة إلى الوطن في تنظيم ملاحظاته ومشاهداته، وكتب قائلاً : إذا ماكانت شكوكي المتزايدة حول الطيور المحاكية، والسلاحف، وثعلب جزر فوكلاند صحيحة فإنَّ هذه الحقائق سوف تُقوض نظرية استقرار الأنواع. ويُلاحظ أنَّه بحذر شديد استخدم كلمة سوف، قبل كلمة تُقوض بعد ذلك كتب (إنَّ من شأن هذه الحقائق أن تُلقي بعض الضوء على أصل الأنواع). استطاع داروين أن يثبت بأن الإنسان ليس إلا واحدا من بين الكائنات المتطورة وان الإنسان ليست له هذه الأهمية التي كان يتصورها معظم الناس في الماضي، فمن يدرى ربما سبقته كائنات أخرى في التطور. قد يكون بسبب هذه الدلالات النظرية قد كانت هي السبب الرئيسي في فزع رجال الدين وسخطهم، الذين رأوا في داروين كافرا وملحدا لأنه لم يأخذ بما جاء في الكتاب المقدس حرفيا. مع أن نظرية التطور كانت لتفسير كيفية تواجد أول خلية. فداروين نفسه قال :

بداية نظرية داروين (Inception of Darwin’s theory)

في الثاني من اوكتوبر عام 1836 م وصلت سفينة البيجل إلى فالماوث في كورنوال (Falmouth, Cornwall) وكان داروين قد أصبح من المشاهير في الأوساط العلمية وذلك بفضل أستاذه السابق هنسلو الذي أشاد بمجهوداته، وعمِل على نشر كتيب عن رسائل داروين الجيولوجية بين علماء الطبيعة وذلك كان في ديسمبر عام 1835. زار داروين منزله في شروزبري وقابل أقاربه ثم سارع إلى كامبريدج لمقابلة معلمه هنسلو والذي نصحه ببعض علماء الطبيعة الذين يمكنهم المساعدة في عملية تصنيف العينات كما عرض عليه أن يقوم بتصنيف العينات النباتية. قام والد داروين ببعض الاستثمارات التي ساعدت داروين في الظهور بمظهر الرجل النبيل والعالم، مما حفز داروين المتحمس لعرض عيناته على الخبراء في مؤسسات لندن ليساعدوه في عمليات التوصيف. لكن كان علماء الحيوان يواجهون كم هائل من العمل وبالتالي كان من المخاطرة ترك العينات في المخازن. في التاسع والعشرين من شهر أكتوبر التقى تشارلز ليل (Charles Lyell) بداروين والذي كان شديد الشغف به فقدمه إلى عالم التشريح الصاعد ريتشارد أوين (Richard Owen) ، والذي كان لديه إمكانيات وفرتها له الكلية الملكية للجراحين فتمكن من العمل على عينات الأحافير التي جمعها داروين. شملت نتائج داروين المدهشة بعض الأجناس العملاقة المنقرضة مثل المجاثيريوم (Megatherium)، بالإضافة إلى هيكل عظمي شبه كامل لكائن يسمى سكليدوثيريوم (Scelidotherium) وفرس النهر برأس شبيه بالقوارض أطلق عليه اسم توكسودون (Toxodon) والذي يشبه الكابيبارا العملاقة (capybara). كما كانت هنالك شظايا دروع من كائن يسمى جلايبتودون (Glyptodon) والذي شبهه داروين في البداية بالحيوان المدرع ولكن بضخامة أكبر. هذه الكائنات على صلة بالكائنات التي تعيش حالياً في أمريكا الجنوبية. استأجر داروين في منتصف شهر ديسمبر غرفة في فندق لتنظيم عمله وإعادة كتابة مقاله (في عموده اليومي في أحد الصحف). كتب أول ورقة، بيَّن فيها بأن القارة الأمريكا الجنوبية كانت ترتفع ببطء، ومع حماس ودعم لييل، قرأ داروين مقالته على الجمعية الجيولوجية في لندن في الرابع من يناير في سنة 1837. في نفس اليوم، قدّم داروين عينات من الثدييات والطيور لجمعية الحيوان. بُعَيْدَ ذلك أعلن عالم الطيور جون غولدن (John Gould) أن طيور الغالابيغوس Galapagos التي تحدث عنها داروين هي خليط من طائر الشحرور وطائر الجروس بيك وطيور الحسون، وهذه الأخيرة وجد منها في الحقيقة إثني عشر نوعاً. وفي السابع عشر من فبراير أُنتُخب داروين كعضو في مجلس الجمعية الجيولوجية وقدم لييل في خطابه الرئاسي أحافير داروين على أنها جزء من نتائج أوين، مشدداً على استمرار البحث الجغرافي لأصناف جديدة من الحياة دعماً لفكرته التنظيمية. في بدايات شهر مارس انتقل داروين إلى لندن ليكون قريباً من عمله ليلتحق بدائرة لييل الاجتماعية من العلماء والخبراء من أمثال شارليز بابيج Charles Babbage, الذي وصف الرب على أنه المبرمج للقوانين. بقى داروين مع أخوه طليق الفكر أراسموس، الذي كان جزء من هذه الدائرة اليمينية وصديقاً مقرباً للكاتبة هارييت مارتينواه Harriet Martineau، والتي عززت من نظرية مالتوس Malthusianism اليمينية والمثيرة للجدل، تلك – النظرية – تدعو لإعادة صياغة قوانين الفقراء ووقف المساعدات المتسببة في الاكتظاظ السكاني ما يعني زيادة في الفقر. مارتينواه بوصفها من الموحدين رحبت بالآثار المترتبة على التحويل الجذري لأصناف الطيور. والتي يروج لها من قبل غرانت ومجموعة من الجراحين الشباب المتأثرين بجيوفروي، هذا التغيير كان لعنة على النظام الاجتماعي للجنة الدفاع عن الكنيسة الإنجليزية، لكن مناقشة العلماء ذوو السمعة الحسنة للموضوع بشكل مفتوح والاهتمام الكبير في رسالة جون هيرشيل والذي مدح فيها نهج لييل كطريقة جديدة لإيجاد أسباب طبيعية لأصول الأصناف الجديدة. التقى غولد بداروين وأخبره أن طيور الغالابيغوس المحاكية من مَوَاطِن (جزر) مختلفة كانت أصناف منفصلة، وليست فقط متنوعة، والذي كان يعتقده داروين أن طائر الرن كان ينتمي أيضاً لمجموعة طيور الحسون. لم يصنف داروين طيور الحسون حسب الموطن أو البيئة ولكن صنفها من خلال ملاحظات الصيادين، بالإضافة لفيتزروي (مصطلح يقصد به ابن الملك) فقد خصص مواطن للأصناف.. أيضاً هناك صنفان مميزان لطائر الريّا، ففي الرابع عشر من مارس، أعلن داروين كيف يتغير توزيعهم كلما اتجهنا جنوباً. بحلول منتصف مارس، تضاربت أفكار داروين في كتابه (ريد نتبوك – كتاب الملاحظات الأحمر-) في احتمالية أن “أحد الأصناف يتغير إلى صنف آخر” ليشرح التوزيع الجغرافي لأماكن عيش أصناف الطيور مثل الريّا وصنف آخر منقرض كطائر الماكروتشينيا الغريب والذي يشبه غوناكو العملاق (حيوان من صنف الجمليات “لاما”).

في منتصف يوليو 1837 بدأ داروين في كتابه للملاحظات ” B ” على تحويل الأنواع، وكتب فوق شجرته التطورية الأولى ” أعتقد ” في الصفحة 36
أفكاره حول فترة الحياة والتكاثر اللاجنسي والتكاثر الجنسي طُوِّرت في كتابه “ب” نتبوك بحلول منصف أيلول حول اختلاف السلالة “لتكييف وتبديل الأصل لتغيير العالم” يشرح فيه سلاحف الغالابيغوس وطيور الغالابيغوس المحاكية وطيور الريّا. رسم داروين التفرعات بشكل لائق، فرّع الأنساب في شجرة تطور أحادية، على أنه “من غير المعقول الحديث عن حيوان على أنه أعلى من الآخرين رتبة”، وحذف – استبدل – أنساب لامارك المستقلة بأشكال متطورة ومتقدمة.

إفراطه في العمل، مرضه، زواجه
صحة تشارلز داروين

أثناء تطويره لدراسة مكثفة حول نظرية التحول، أصبح داروين غارقًا في المزيد من العمل. وكان ما يزال يعيد كتابة مذكراته، واستمر أيضا في تدقيق وطباعة تقارير الخبراء في مجموعته. بمساعدة هينسلو حصل على منحة من وزارة الخزانة بمبلغ 1,000 جنيه استرليني لدعم إصداره ذو المجلدات المتعددة والذي أسماه ” علم الحيوان للرحلة البحرية للباخرة بيغل” (Zoology of the Voyage of H.M.S. Beagle) وهذا المبلغ يعادل 75,000 جنيه استرليني في 2010. مدد داروين التمويل ليُضمّن كُتُبه في علم طبقات الأرض واتفق على تواريخ غير واقعية مع الناشر. وحينما بدأ العصر الفيكتوري، واصل داروين كتابة مذكراته وفي أغسطس من عام 1837 بدأ بتصحيح المسودات. كان داروين يعاني صحيا من بعض الضغوط. في العشرين من سبتمبر كان يعاني من خفقان غير مريح في قلبه. حينها حثّه الأطباء على أخذ استراحة من العمل والعيش في الريف لعدة أسابيع. بعد زيارته لشروزبري التقى بأقارب ودجوود في مبنة ماير في ستافوردشير، ولكنه وجدهم حريصين جداً على سماع حكايات أسفاره أكثر من إعطائه فرصه للراحة.إيما ودجوود (Emma Wedgwood) ابنة عم داروين، الفاتنة، الذكية، المثقفة والتي تكبُر داروين بتسعة أشهر، كانت ترعى عمة داروين العاجزة.ألهم العم جوس (Jos) داروين في نظرية جديدة ومهمة حول دور دودة الأرض في تكوين التربة – قدم داروين هذه النظرية للجمعية الجيولوجية في الأول من نوفمبر- أشار جوس إلى أن النفايات في منطقة معينة تختفي تحت التربة الخصبة وأقترح أن هذا قد يكون بفعل دودة الأرض. دفع وليام وول (William Whewell) داروين إلى القبول بتولّي مهام الأمين العام للجمعية الجيولوجية. بعد رفضه للعمل في البداية، قَبِل داروين المنصب في مارس.1838. على الرغم من عمله الشاق في كتابة وتعديل تقارير رحلته، أحرز داروين تقدما ملحوظًا في نظرية التحول، واستغل كل الفرص لسؤال علماء الحيوان وأصحاب الخبرة بشكل غير مألوف، حتى أنه كان يسأل أصحاب الخبرة العملية مثل: المزارعين ومربو الحمام مع مرور الوقت كان قد جمع معلومات من أقاربه ،الأطفال، كبير خدم العائلة ،الجيران، المستعمرين وزملائه في رحلته البحرية. ضمّن داروين الجنس البشري في تكهناته منذ البداية، وذلك عند مشاهدته لنوع من القرود يطلق عليه “إنسان الغاب – orangutan” في الحديقة في 28 مارس ملاحظا لسلوكه الطفولي. الإجهاد أخذ الكثير منه، كان تشارلز داروين بحلول شهر يونيو طريح الفراش لأيام عديدة محملاً بأمراض عدة كمشاكل في المعدة، وصداع في الرأس، وأعراض في القلب. وظل على ذلك بقية حياته فجسده لم يكن مؤهلاً لاحتمال هذه الآلام من تقيؤ ودمامل ورجفان وأعراض أخرى وكانت دائماً ما تظهر عليه عندما يحضر للاجتماعات أو يقوم بزيارات اجتماعية. يُذْكَرْ بأن مرضه لم يكن معروفاً وأن المحاولات التي قامت لعلاجه لم تحقق نجاحاً يذكر.


اختار داروين الزواج من ابنة عمه إيما ودجوود.

في يوم 23 من يونيو، أخذ داروين عطلة وذهب إلى اسكتلندا في رحلة جيولوجية. وقام بزيارة مرتفعات غيلين روي –التي تقع في منطقة لوتش أبر في اسكتلندا- في طقس مبهج لمشاهدة الطرق المتوازية المقسمة إلى ثلاث ارتفاعات على سفوح الجبال. لاحقاً، قام داروين بنشر وجهة نظره أن “هذه السفوح كانت قبلاً سواحل ومدرجات بحرية “، ولكن فيما بعد اضطر إلى قبول فكرة أن هذه سواحل لبحيرة. وبعد أن استعاد داروين كامل عافيته، رجع إلى شروزباري [مدينة في مقاطعة شروبشاير في منطقة ميدلاندز غرب انجلترا] في يوليو. اعتاد داروين على تدوين ملاحظاته في دفتر يومياته عن تربية الحيوانات، وكان يخربش عن أفكار غير مترابطة حول حياة المرء وعن آفاق المستقبل على قصاصتين من الورق. واحدة منها صارت عمود في الصحيفة بعنوان “ماري” و”ليست ماري”. شملت تلك بعض المميزات مثل ” رفيق وصديق في سن الشيخوخة…. أفضل من كلب على أية حال”، ونقاط معارضة مثل ” مال قليل لأجل الكتب”، و” ضياع رهيب للوقت”. وبعد أن تناقش داروين مع والده، وقرر والده أن هذا في صالحه، ذهب لزيارة إيمِّا في 29 يوليو. ليس لأنه يريد المراوغة، ولكنه كان معارضاً لنصيحة والده عندما أشار عليه بتغيير أفكاره.

مالثوس والانتقاء الطبيعي

استمرت أبحاث داروين في لندن، وشمل اطلاعُه الواسع على الطبعة السادسة لمقالة مالثوس [باحث سكاني واقتصادي وسياسي -إنجليزي] حول مبدأ تعداد السكان. وفي يوم 28 من شهر سبتمبر لعام 1838، أشار فيها “أن التعداد السكاني، إن لم يتم ضَبُطه، فإنهُ سيتضاعف مرتين كل 25 عام، أو ترتفع نسبته الحِسابية “، ولذلك فإن الموارد الغذائية لن تكفي لهذا العدد الهائل من السكان، فيما يُعَرف ذلك بكارثة مالثوس. أعد داروين بشكل جيد مقارنة بين مقالة مالثوس ومقالة دي كندول [عالم نبات سويسري] عن “الأصناف المتحاربة”، وكانت تتحدث هذه المقالة عن النباتات والنضال في الحياة البرية، وتوُضح كيف أن عدد من الأحياء البرية ظلت مستقرة تقريباً. كما أن الحيوانات دائماً ما تتكاثر ولديها ما يكفيها من الموارد المتاحة، والتنوع المتاح للمخلوقات الحية يجعل ذلك أفضل لها في البقاء على قيد الحياة وهذا التنوع تنقلهُ إلى صغارها، بينما عدم التنوع يؤدي إلى اختفائها وانقراضها. ويعبر عن ذلك ما كتبه “يجب أن يكون السبب النهائي لهذا التوكيد، هو لأجل بناء هيكل مناسب، يتكيف مع التغيُرات”، ومن أجل ذلك ” قد يقول أحدهم هناك قوة مثل مائة ألف وتد تحاول أن تتدخل في كل نوع من البيئات المتكيفة لتسد الثغرات في الاقتصاد من خلال الطبيعة، أو بالأحرى تكوين الثغرات بطعن المخلوق الأضعف”. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تكوين أنواع جديدة كما كَتب في وقت لاحق في سيرة حياته.في أكتوبر عام 1838، بعد خمسة عشر شهرا ً منذُ أن بدأ بالتحقيق المنهجي، حدث أنّي قرأت للتسلية عن مالثوس للسكان، وبما أني متحضر جيداً لتقدير المعاناة في فهم الوجود مع تمعّن طويل ومستمر في عادات الحيوانات والنباتات، لفت نظري في وقت واحد أنه في ظل هذه الظروف فالاختلافات الملائمة تميل للبقاء، والاختلافات الغير ملائمة تميل للفناء، والنتيجة النهائية لهذا هو تكون نوع جديد. إذن هنا، كانت محصلتي في النهاية نظرية لأعمل بها….. ” عند منتصف ديسمبر، رأى داروين تشابها ً بين المزارعين الذين ينتقون أفضل الأصناف أثناء التربية الانتقائية والطبيعة المالثوسية في انتقاء المتغيرات بحيث أنه “كل جزء مكتسب في البنية هو عملي بالكامل وتام “، فكّر في هذهِ المقارنة “جزء جميل من نظريتي” بعد ذلك سمّى نظريته الانتقاء الطبيعي، قياساً على ما سماه الانتقاء الاصطناعي للتربية الانتقائية. في الحادي عشر من نوفمبر، عاد داروين إلى ماير وتقدم إلى إيما، وأخبرها بأفكاره مرة أخرى فوافقت. بعد ذلك وأثناء تبادل رسائل الحب أظهرت له كيف أنها تقدر انفتاحه في مشاركة الاختلافات بينهما. وأعربت لهُ عن اعتقاداتها واهتماماتها القوية بالوحدوية المسيحية وأن شكوكه قد تسبب الانفصال بينهما في الحياة الأخرى (بعد الموت). وبينما كان داروين يبحث عن منزل في لندن، استمرت نوبات المرض فكتبت له إيما ملاحظة قريبة من التنبوء: “لا تكن مريضا ً أكثر عزيزي تشارلي حتى أستطيع أن أكون معك وأقوم برعايتك” وطلبت منه أيضاً أخذ قسط ٍ من الراحة. وخلال فترة عيد الميلاد نقل داروين متحفه إلى شارع غاور بسبب بهرجة طائر يدعى “المكاو المنزلية” حيث عثر عليه هناك. وفي الرابع والعشرين من يناير 1839 أنتُخِب داروين كزميل في الجمعية الملكية. وتزوج من إيما في التاسع والعشرين من يناير بمدينة ماير في حفل ملائكي نُظِّم ليكون وفق شرائع الوحدوية المسيحية. بعدها مباشرةً رَكِبَا قِطارًا مُتجِهًا إلى بيتهما الجديد في لندن.

داروين في عام 1842 مع ابنه الأكبر، ويليام ايراسموس داروين.

انتهى داروين الآن من الهيكل الأساسي لنظريته في الانتقاء الطبيعي “والتي كانت تعمل” بوصفها “هوايته الرئيسية”. شملت أبحاثه على تجارب موسعة في التربية الانتقائية التجريبية للنباتات والحيوانات، وإيجاد أدلة بأن أنواع الكائنات ليست ثابتة والقيام بأبحاث في تفاصيل الأفكار ليثبت ويحسن من نظرياته، ولمدة خمسة عشر عاما كان هذا العمل مبني على خلفيته في عمله الرئيسي للكتابة الجيولوجية ونشر تقارير متخصصة عن مجموعة البغال. عندما نشرت قصة فيتزروي في أيار/ مايو عام 1839، نجحت يوميات داروين وملاحظاته وكان هذا النجاح كنجاح المجلد الثالث الذي صدر في وقت لاحق من تلك السنة، في أوائل عام 1842, كتب داروين حول أفكاره لتشارلز ليل، الذي أشار إلى أن رفيقه ” ينفي رؤية بداية لأصل كل نوع” تم نشر كتاب داروين ” بنية وتوزيع الشعاب المرجانية ” التي تشرح نظريته تكوين الجزر المرجانية الاستوائية في أيار/ مايو عام 1842 بعد أكثر من ثلاث سنوات من العمل، بعد ذلك وضع ” مخططه الأول ” لنظريته الانتقاء الطبيعي، وللهروب من الضغوط في لندن، انتقلت العائلة إلى بيت داروين الريفي (داون هاوس) في أيلول/سبتمبر، في 11 يناير 1844، أشار داروين في نظريته إلى عالم النبات “جوزيف دالتونهوكر”Joseph Dalton Hooker،، كاتباً بسخريته الميلودرامية “أنها مثل الاعتراف بجريمة قتل “، أجاب هوكر ” في رأيي قد يكون هناك سلسلة من عمليات الإنتاج في مواقع مختلفة، والتغير التدرجي للكائنات، يجب أن أكون مسروراً لسماع كيف تفكر بأن هذا التغيرات قد حدثت، حيث لا يوجد حالياً آراء مقنعة ترضيني في هذا الموضوع.” بحلول تموز/يوليو، وسع داروين ” مخططه ” في 230 صفحة على هيئة مقال، للقيام بتوسيع نتائج أبحاثه تحسبا لموته المفاجئ، وفيتشرين الثاني/نوفمبر نشر مجهول كتاباً من أكثر الكتب مبيعاً “بقايا التاريخ الطبيعي للخلق” والتي أثارت الاهتمام على نطاق واسع بـ ” التحول- الطفرة Dismutation”احتقر داروين معلوماتها المتعلقة بعلم الجيولوجيا وعلم الحيوان، ولكن بعناية استعرض حججه الخاصة، واندلع الجدل حوله، واستمرت مبيعاته الجيدة على الرغم من نبذ وازدراء العلماء. أكمل داروين كتابه الجيولوجي الثالث في عام 1846. وجدد الخبرة والافتنان باللافقاريات البحرية، عن طريق تشريح وتصنيف الإوز التي جمعها في الرحلة، والتي تعود إلى الأيام التي قضاها كطالب مبتعث مع جرانت Grant. مستمتعا بمراقبة الهياكل الجميلة ومفكراً في إجراء مقارنات مع هياكل رفاقه في الرحلة، وفي1847 قرأ هوكر “المقال” وأرسل مذكرات زودت داروين بردود الفعل الحاسمة التي أحتاجها، ولكنه لم يورط نفسه بمعارضة داروين في استمراريته في فكرة تتقاطع مع نشوء الخلق، وفي محاولة لتحسين سوء حالته الصحية المزمنة، ذهب داروين في عام 1849 لمنتجع الدكتور جيمس جاليس مالفين James Gully’s Malvern وكان مندهش من العثور على بعض الفائدة من العلاج المائي، في عام 1851 مرضت ابنته العزيزة (آني) والتي عززت مخاوفه في أن مرضه قد يكون وراثي، وقد توفيت بعد سلسلة طويلة من الأزمات بعد عمل براون الذي امتد لثمانية سنوات على الحيوانات البحرية ساعدت نظريته في اكتشاف ” التجانس ” مبيناً بأن التغيرات الطفيفة تقدم وظائف مختلفة لتتلاءم مع الظروف الجديدة، وفي بعض الأجناس وجد طفيليات صغيرة ذات صفات ذكورية وأخرى مزدوجة الجنس، موضحا مرحلة متوسطة في نشوء جنسين مختلفين وحصل في عام 1853 على وسام الجمعية الملكية والتي أكسبته شهرته كعالم أحياء ، ثم استأنف في عام 1854 العمل على نظريته في الكائنات الحية، وأدرك في شهر نوفمبر بأنه يمكن وصف الاختلاف في طبيعة السلاسل ويمكن فهمه عبرهم من خلال تغيرهم وتكيفهم مع الأماكن المختلفة تبعا للموارد الطبيعية

مسيرته
نشر نظرية الانتقاء الطبيعي

تشارلز وهو في السادسة والأربعين من عمره عام 1855، وفي ذلك الوقت كان يعمل على نشر نطريته ” الانتقاء الطبيعي ”
كان دراوين يبحث في بداية عام 1856م حول إمكانية نجاح نقل البذور والبيض من وإلى المحيطات لنشر الكائنات الدقيقة في كل المحيطات، شكك هوكر بشكل كبير في النظرية التقليدية بأن الكائنات الدقيقة كانت محدودة العدد، ولكن زميلهم توماس هنري هوكسلي كان معارضا بشدة لفكرة النشوء أو التطور. كان لييل معجب بتخمين دراوين دون أن يدرك مداه، وعندما قرأ بحث ألفرد راسل والاس “القانون المنظم لإدخال أنواع جديدة” رأى الفرد راسل تشابه مع أفكار دراوين وجادله لينشر الإثبات الأول، رغم أن داروين لم يرَ أي تهديد في هذا النشر. وبدأ العمل على بحث قصير، ووجد بعد ذلك إجابات لأسئلة صعبة فأجل نشرها حتى يوسع خطته لكتاب” كتاب الكائنات الكبير” والذي عنونه بانتقاء الطبيعة. أكمل أبحاثه ثم حصل على معلومات وعينات من علماء طبيعة عالميين من ضمنهم والاس الذي كان يعمل في مدينة بورينو. أظهر عالم النبات أساجري Asa Gray اهتماما مشابه، وفي الخامس من سبتمبر لعام 1857م أرسل دراوين تلخيص مفصل لأفكاره من كتاب انتقاء الطبيعة، ثم استلم دراوين في ديسمبر خطاب من والاس يسأله إذا كان الكتاب يتضمن بحث حول أصول الإنسان، أجاب أنه تجاهل ذلك الموضوع “لكي لا يتعرض لخسارة” وفي الوقت ذاته شجع نظريات والاس وأضاف أنه “وصل أبعد منه” عندما استلم دراوين البحث الذي يصف انتقاء الطبيعة في 18 جون عام 1858م كان كتابه غير مكتمل، وصدم لأنه لم يسبق والاس. أرسل بعد ذلك دراوين البحث إلى لييل بناء على طلب والاس وعلى الرغم من ذلك لم يطلب والاس حقوق النشر. اقترح دراون بأن يرسل البحث إلى أي صحفي يختاره والاس. كانت عائلته في حداد على الأطفال الذين قضوا حتفهم جراء الحمى القرمزية، ولذلك وُضعت الأمور بيدي لييل وهوكر. بعد عدة نقاشات قررا أن يشتركا في محاضرة واحدة في جمعية ينيان التي سميت بمحاضرة “اتجاه الكائنات إلى أشكال متنوعة واستمرار الأصناف والأنواع بوسائل انتقاء طبيعية”، مع ذلك كان دراون شديد الحزن عندما حضر بسبب وفاة حفيده من الحمى القرمزية. كان هناك القليل من الاهتمام بهذا الإعلان عن النظرية، في مايو سنة 1859 م علق رئيس جمعية لينيان أن في ذلك العام لم يلاحظ أي اكتشافات ثورية. نقدٌ واحد فقط أزعج داروين كثيراً فقد ادعى البروفيسور صموئيل هوتن Samuel Haughton من دبلن ” أن كل ما هو جديد لديكم فهو خاطئ، وكل ما هو صحيح فهو قديم “. عانى داروين من مرض صحي ولكنه كافح لمدة ثلاثة عشر شهراً لإخراج ملخصٍ من كتابه ” الكتاب الكبير ” وذلك بتشجيع من أصدقائه العلماء، وقد قام لييل بنشرها بواسطة جون موراي. أثبت كتاب “On the Origin of Species في أصل الكائنات شعبية غير متوقعة حين بيعت 1250 نسخة بأكملها في 22 نوفمبر 1859 م وقد بدأ داروين في الكتاب رحلة ” نقاش واحد طويل ” من الملاحظات التفصيلية والنظر والاستدلالات حول الاعتراضات المتوقعة، وقد صرح داروين عن نظرته للنمو البشري بقوله ” سيتم إلقاء الضوء على أصل الإنسان وتاريخه “. وقد ذُكرت نظريته ببساطة في المقدمة:

«كلما ولد عدد أكبر من الكائنات الحية كانت احتمال نجاتها أكبر، ومع ذلك يبقى هنالك المزيد من الصراع بين الكائنات للبقاء على قيد الحياة، وذلك شامل لكل الموجودات، وإن كان هذا مختلفا لكنه مفيد ولو بشكل قليل لأي نوع من الأنواع، وتحت هذا التعقيد والاختلاف في ظروف المعيشة للكائن، سوف يكون هناك فرصة أفضل للعيش فقط من قبل أولئك المنتقون من قبل الطبيعة. من المبدأ القوي للوراثة، فأن أي تنوع مختار سوف يميل إلى التطور والارتقاء في شكل جديد»
وضع داروين مبرر قوي لأصل مشترك وشائع ولكنه تجنب مصطلح ” التطور “:

«كما أن هناك عظمة في هذه النظرة للحياة، مع تعدد طاقاتها وقوتها، وبعد أن تنقسم إلى أشكال قليلة أو إلى واحدة، وبينما يأخذ هذا الكوكب بالدوران وفقاً لقانون الجاذبية، من بداية بسيطة جداً لا نهاية لها وهي أكثر الأشكال جمالاً وروعة وتطوراً.»
الردود على النشر

في عام 1871 نُشر كاريكتير نموذج لأصل الإنسان ويظهر تشارلز داروين على هيئة قرد، ميزة له في الثقافة الشعبية على حسب أنه هو المؤلف الرئيسي لنظرية النشوء والارتقاء.
أثار الكتاب اهتمامًا عالميًا، وأحدث جدلاً أقل مما حظي به الكتاب الشهير “بقايا التاريخ الطبيعي للخلق”. وعلى الرغم من بقاء داروين بعيدًا عن المناظرات العامة إلا أنه كان يقوم بالتدقيق في ردود الأفعال العلمية على نظريته مثل المقالات، وما تنشره الصحف من اعتراضات، والرسوم الساخرة “الكاريكاتورية”، والرد عليها بالاتفاق مع زملاء له حول العالم. حيث أن داروين قال : “سيتم إلقاء الضوء على أصل الإنسان”، ولكنه ادعى أن أول مراجعة هي التي أدت إلى نشر المعتقد أن “أصل الإنسان قرد” بناءً على بقايا الآثار. ومن بين أوائل الردود الإيجابية كانت مشاركات هكسلي التي هاجم فيها ريتشار أوين “رئيس المؤسسة العلمية”، حيث كان يحاول الإطاحة به. وفي شهر نيسان، هاجم أوين أصدقاء داروين ورفض أفكارهم رفضاً تامًا مما أثار غضبه. ومن ثم بدأ أوين وغيره بالتشجيع لأفكار هادفة عن التطور الخارق للطبيعة. أما بالنسبة للكنيسة الإنجليزية فكانت استجاباتها متباينة، بينما تجاهل هذه الأفكار كل من سيدجويك وهينسلو “أستاذي داروين القديمين في كامبريدج”، ولكن فسر رجال الدين الليبراليين الانتقاء الطبيعي على أنه أداة الخالق في التصميم، في حين رآها رجل الدين مثل تشارلز كينسلي على أنها مثل “مفهوم الألوهية النبيل فقط”. وفي عام 1860 م، كان لنشر مقالات وتعليقات لعلماء الدين الإنجيليين السبعة الليبراليين (Seven liberal Angilcan theologians) سبباً في تحويل انتباه رجال الدين عن داروين، وعن أفكاره وزيادة النقد أيضًا، وقد هوجمت أفكاره من قبل سلطة الكنيسة على أنها بدعة. وفي ذلك قال بادين بوويل إن المعجزات تكسر قوانين الإله، كان هذا الاعتقاد بسبب ما تحمله نفوسهم من إلحاد، وأشاد قائلاً : “إن حجم براعة السيد داروين يظهر لنا في مبدأ القوى الكبرى للطبيعة في التطور الذاتي”. وناقش آسا جراي النظرية الغائية مع داروين، الذي استورد ووزع كتيب غراي عن تطور العقائد التوحيدي، “الانتقاء الطبيعي لا يتنافى مع علم اللاهوت الطبيعي”. وكانت مناقشة جامعة أكسفورد عن التطور 1860 م أشهر مواجهه علنية من خلال اجتماع الجمعية البريطانية تحت عنوان “تطور العلوم”، وهناك كان مطران أكسفورد صامويل ويلبرفورس الذي لا يعارض تحول الأنواع، وجادل ضد تفسير داروين بأن أصل الإنسان من القرد، وبينما دافع جوزيف هووكير عن داروين، رد هكسلي بشكل أسطوري وحاسم، بأنه يفضل أن يكون من سلالة القردة على أن يكون شخصاً يسيء استخدام مواهبه، وأنه جاء ليرمز إلى انتصار العلم على الدين. حتى أقرب أصدقاء داروين جراي، هوكير هكسلي ولايل كان لديهم بعض التحفظات ولكنهم دعموه بقوة، كما فعل الأصغر منهم سناً، وعلماء الطبيعة أيضًا. وقد سعى لايل وجراي للمصالحة مع العقيدة، فيما صور هكسلي الاستقطاب بين الدين والعلم، وأما بوجناسيوسلي فقد شن حملة ضد سلطة رجال الدين في التعليم، والتي تهدف إلى إلغاء هيمنة رجال الدين والهواة الارستقراطيين بموجب أوين لصالح جيل جديد من العلماء المحترفين، فجاءت مطالبات أوين بأن دماغ الإنسان يختلف بتركيبته البيولوجية عن القردة بتصدي من هكسلي الذي أثبت أنها خاطئة بعد نزاع ساخر طويل عن طريق كينغسلي كما جاء في الجدال العلمي الذي دار في القرن التاسع عشر عن “تشريح القرود وتفرد الإنسان” والتي أفقدت أوين مصداقيته. ضمت الحركة الداروينية نطاق واسع من الأفكار الثورية تحت جناحها، ففي عام 1863 م، قدم الكاتب تشارلز ليل “الأدلة الجيولوجية على تقادم الإنسان إلى عصور ما قبل التاريخ”، ورغم حرصه على نظرية التطور، إلا أنه كان مخيبا ً لآمال داروين، وبعدها بأسابيع جاءت أدلة هكسلي في كتابه “مكانة الإنسان في الطبيعة” لتظهر بأن البشر تشريحيًا قردة. ثم إن العالم الطبيعي هنري والتر بايتز قدم في كتابه “عالم الطبيعة في نهر الأمازون” أدلة تجريبية على الانتقاء الطبيعي. وممارسة الضغط تلك أثمرت في تكريم داروين وتشريفه بميدالية كوبلي للمجتمع الملكي في يوم 3 نوفمبر سنة 1864 م. وفي ذلك اليوم عقد هكسلي أول اجتماع سماه النادي إكس يضم المؤمنين بنظرية التطور، أصبح فيما بعد نادي ذو نفوذ وسلطة مكرس إلى “العلم، نقياً وحراً، ولا تقيده العقائد الدينية “. وفي نهاية هذا العقد، أجمع معظم العلماء أن التطور حدث بالفعل. ولكن القلة اتفقوا مع داروين بشأن آلية الانتقاء الطبيعي. ترجم كتاب “أصل الكائنات” للغات كثيرة، وأصبح نصاً علمياً يتداوله الجميع بما في ذلك العمال الذين توافدوا على محاضرات هكسلي. وكان لنظرية داروين صدى واسع في الكثير من الحركات المعاصرة لها [III] حتى أصبحت مفتاحاً رئيسياً في الثقافة الشعبية، [IV] وسخر رسامو الكاريكاتير من فكرة النسب الحيواني بإظهار البشر بصفات حيوانية. وفي بريطانيا خدمت هذه الصور الطريفة في إشهار نظرية داروين بشكل لا يهدد النظرية. وفي عام 1862 م، ربى داروين لحيته، ولما ظهر مره أخرى على الملأ عام 1866 م، ساعدته الرسومات الكاريكاتورية له كقرد في تحديد كل أشكال مذهب التطور مع الداروينية.

أصل الإنسان، الانتقاء الجنسي، وعلم النبات

من عام 1878، عانى داروين الشهير على نحو متزايد من المرض خلال سنواته المتبقية.
ظهرت مقالات كُثر تغطي حياة داروين من بساتين الفاكهة إلى التغيير، من أصل الإنسان إلى العواطف، من النباتات آكلة الحشرات إلى الديدان. على الرغم من نوبات المرض المتكررة في آخر 22 سنة من حياة داروين، إلا أنه تابع العمل بعد أن نشر كتابه أصل الأنواع كنظرية مجردة في البداية. أصرّ على التجربة والبحث في كتابه “الكتاب الكبير”وتناول أصل الإنسان من الحيوانات في وقت أبكر بما في ذلك تطور المجتمع وقدراته العقلية، وكذلك شرح جمال التصميم في الحياة البرية والتنويع في دراسات النبات المبتكرة. الاستفسارات حول تلقيح الحشرات أدت في عام 1861 م إلى ظهور دراسات حول تكيف الأزهار في الحقول البرية لاجتذاب نوع معين من الحشرات ” العث” لكل فصيلة مما يؤدي لضمان إنتاج السماد.وفي سنة 1862 قدم في كتابه ” تسميد البساتين” ولأول مره عرض واضح ومفصل لقوة الانتخاب/الانتقاء الطبيعي وهذا بدوره يلقي الضوء على العلاقات الايكولوجية /البيئية المعقدة ويشرحها، مما يجعل التنبؤات قابلة للتجريب. وفيما كانت صحة داروين آيلة للضعف، لاذ إلى فراش المرض في غرفة مليئة بالتجارب المبتكرة لتتبع حركة النباتات المتسلقة. زاره الكثير من المعجبين بنظريته منهم ارنست هينكل، وقد كان من الأنصار المتحمسين للنظرية الداروينية مدمجة مع الاماركية ومثالية غوته. وظل والس داعماً على الرغم من تحوله المتزايد وميوله نحو الروحانية. تنوع الحيوانات والنباتات في التهجين عام 1868م كان الجزء الأول من “الكتاب الكبير” لدارون، وتضمن فرضياته غير الناجحة لشمولية الخلق محاولاً شرح الوراثة. في البداية بِيعَ الكتاب بسرعة على الرغم من حجمه الكبير، وتُرجم للعديد من اللغات. كتب دارون كثيرا من الجزء الثاني للانتقاء الطبيعي ولكنه لم ينشر أثناء حياته. وقامت “ليل” قبلا بتشعيب تاريخ ما قبل الإنسان، وقد أظهر “هكسلي” عبر التشريح أن البشر قرود . مع نشر “انحدار الرجل، وعلاقة الانتقاء بالجنس” عام 1871م، وضع دارون أدلة اعتمد فيها على كثير من المصادر أن البشر حيوانات، حيث أظهروا استمرارية في الصفات الجسدية والدماغية، واستعرض دارون الانتقاء الجنسي ليشرح الأجزاء غير العملية كريش الطاووس، وتطور الثقافة لدى البشر، والفروق بين الأجناس، والصفات العرقية الجسدية والحضارية، مع التركيز على أن البشر جميعهم فصيلة واحدة. إن شرحه باستخدام الصور قد وسع في كتابه “تعبير المشاعر في الإنسان والحيوان” عام 1872م، أحد أول كتبه التي احتوت على صور مطبوعة، وقد ناقش تطور علم النفس لدى الإنسان واستمراريته لتصرف الحيوانات. كلا الكتابين أثبتا شعبية جارفة، وأُعجب دارون بالموافقة العامة لآرائه، مبينا أن “الكل يتحدث عن ذلك دون انصدام.” استنتاجه كان ” أن الإنسان وجميع صفاته النبيلة، مع تعاطفه مع تلك الوضيعة، وخيره الذي امتد ليس لغيره من الإنس فقط بل لأكثر المخلوقات الحية المتواضعة، مع ذكائه الإلهي الذي اخترق حتى حركة وتكوين النظم الشمسية، مع كل هذه القوة الهائلة، الإنسان يحمل في إطار جسده خاتم أصله الوضيع.” تجاربه المرتبطة بالتطور وتحقيقاته أثمرت عن كتب “النباتات الحشرات-الحمية”، “تأثير التخصيب الذاتي واللاذاتي في مملكة الخضار” -وهي الأشكال المختلفة لزهور النبتة نفسها ضمن نفس الفصيلة و”قوة الحركة في النباتات”. في كتابه الأخير عاد دارون لـ “تكون قالب الخضار عبر أفعال الديدان”.

وفاته والإرث

في عام 1882 م تم تشخيصه بما يعرف بـ ” الذبحة الصدرية ” والتي أدت إلى تجلط الأوعية القلبية ومرض في القلب. وعند الوفاة شخصه الطبيب بـ ” ذبحة صدرية مفاجئة وفشل قلبي ” توفي في 17 من أبريل عام 1882 م في منزله دون ” Down House ” وقد كانت أخر كلماته لأسرته مخبراً إيما ” أنا لست خائفاً من الموت – متذكراً كم كنتِ زوجة جيدة لي – أخبري كل أولادي أن يتذكروا كم كانوا جيدين معي ” وبينما كانت ترتاح أخبر هرنيتا وفرنسيس مكرراً ” من الجيد حين يكون المرء مريضاً أن تتم رعياته من قِبلك ” توقع أن يتم دفنه في مقبرة كنيسة سانت ماري في دون، ولكن بطلب من زملاء داروين بعد الدعاوي الجماهيرية والبرلمانية، نظم وليام سبوتسوود (William Spottiswoode) -رئيس زمالة المجتمع- جنازة رسمية تكريماً لداروين ودفن في مقبرة وستمنستر وبجانب جون هرشل وإسحاق نيوتن. أقنع داروين معظم العلماء بأن نظرية التطور صحيحة، وقد تم مكافأته كعالم عظيم لديه أفكار ثورية، ومع ذلك فقلة هم الذين وافقوا على نظريته التي تقول أن ” الانتقاء الطبيعي هو الوسيلة الأساسية – ولكنه ليس استثناء للتطور”. في عام 1909 م تم تكريمه من قبل أكثر من 400 عالم حول العالم والذين تقابلوا في كامبريدج ليحتفلوا بذكراه السنوية وبالذكرى الخامسة عشر لـكتابه ” في أصل الكائنات “. في هذه الفترة والتي أطلق عليها ” كسوف دارويني ” تقدم العلماء بوسائل متعددة تطورية والتي أثبتت فعاليتها لاحقاً؛ دمج التطور الحديث التركيبي (من 1930 إلى 1950) بالانتقاء الطبيعي للوراثة السكانية مع الوراثة المندلية والتي لاقت إجماعاً كبيراً بأن الانتقاء الطبيعي هو الطريقة الأساسية للتطور؛ هذه التركيبة عُينت الإطار المرجعي للمناقشات والتحسينات الحديثة للنظرية.

الأطفال
كان لدى داروين 10 أطفال توفي اثنان منهم في طفولتهم، وفاة آني Annie بعمر العاشرة كان له أثر مدمر على والديها. كان تشارلز والداً مخلصاً ومتيقظاً بشكل غير اعتيادي لأطفاله وكان كلما مرض أحد أطفاله يخشى عليهم من الأمراض الوراثية الناجمة عن زواج الأقارب وذلك لقرابته بـزوجته وابنة عمه ” ايما ويدجود “. وقد اختبر هذا الموضوع في كتاباته مقارناً بالمزايا من التزاوج بين العديد من الكائنات الحية. ورغم مخاوفه فلقد كان لأولاده ولأحفاده مجالات عمل متميزة. ومن أبنائه الذين ظلوا على قيد الحياة، جورج وفرانسيس وهوراس والذين انخرطوا في المجتمع الملكي، وقد تبوءوا مكانة مرموقة محترمة بصفتهم فلكياً، وعالماً نباتياً، ومهندساً مدنياً على الترتيب. أما ابنه ليونارد فقد مضى في مسيرته ليصبح مجنداً عسكرياً ورجل سياسة واقتصاد ومختصاً في مجال تحسين النسل كما عرف بكونه معلماً لعالم الإحصاء والأحياء التطوري رونالد فيشر.

رؤى وأفكار
الرؤى الدينية

في عام 1851 تحطم داروين من وفاة ابنته آني، بحلول ذلك الوقت كان إيمانه في المسيحية يتضاءل وقد توقف عن الذهاب إلى الكنيسة.
إرث عائلة داروين ينحدر من طائفة المعتزلة التوحيدية، بينما كان والده وجده من المفكرين التحرريين، وقد عُمِّد وتلقى تعليمه في كنيسة إنجلترا. عندما ذهب للدراسة في جامعة كامبردج ليصبح رجل دين أنجليكي لم يكن مشككاً في الحقيقة الحَرفية للإنجيل. وقد درس علم اللاهوت الطبيعي على غرار العالمين جون هيرشيل ووليام بيلي، وهو علم يبحث تفاسير الإنجيل عبر القوانين الطبيعية بدلاً من الخوارق. ويرى في تكيف الأنواع دليلاً على التصميم. على متن سفينة البيغل، كان تدينه تقليدياً وكان يعتبر الإنجيلَ سُلطةً نافذةً في الفضائل. وقد عكف على البحث عن “مراكز الخلق” لتفسير التوزيع، كما ربط بين حشرة ليثِ عِفِرِّين وُجِدت بقرب حيوانات الكنغر بـ “فترات خليقة” واضحة المعالم. عند عودته كان ناقداً للإنجيل كتاريخ، ومتسائلاً لمَ لمْ تكن كل الأديان صالحةً سواءً بسواء. في السنوات القليلة اللاحقة، بينما كان ممعناً النظر في علم الجيولوجيا وتحول الأنواع بشكل مكثف، أسدى كثيراً من الاهتمام للدين وخاض نقاشاً عن ذلك بإفصاحٍ مع إيما، التي كانت – هي الأخرى – تحمل معتقدات نابعة من دراسة مكثفة وتساؤلات. ثيوديسيا بيلي وتوماس مالثوس بررت الشرور كاعتبار المجاعة – على سبيل المثال – ناتجةً عن قوانين خالقٍ خَيِّرٍ وتنطوي على أثرٍ طيبٍ بالكُلية. بالنسبة لداروين، قدم الانتقاء الطبيعي جودة التكيف وأزاح الحاجة للتصميم. ولم يستطع أن يرى عمل الإله كلي القدرة في كل ذلك الألم والمعاناة كفعل حشرة الزنبور النمسي حين تشل حركة اليرقات لتوفر غذاءً حياً لبيوضها. ظلت رؤيته للأنظمة الحيوية أنها متكيفة تامة. وفي كتابه أصل الأنواع تجلتْ رؤاهُ اللاهوتية، فعلى الرغم من تصوره للدين كإستراتيجية بقاء قَبَلية، إلا أن داروين كان رافضاً للتخلي عن فكرةِ أن الرب هو واهبُ القوانين المطلق. وقد كانت مشكلة الشر تزعجه على نحوٍ متزايد. لعب داروين وصديقه المقرب جون إنز، الكاهن في كنيسة داون، دوراً مؤثراً في مجتمع الكنيسة، لكن بحلول عام 1849م علق داروين على ذهاب أفراد أسرته إلى الكنيسة أيام الأحد بقوله” إنه من العبث الشك في قدرة الإنسان على الجمع بين الإيمان بالله ونظرية التطور في نفس الوقت”. على الرغم من تحفظه عندما يتعلق الأمر بنشر آرائه الدينية، كتب داروين في عام 1879م، ” لم أنكر أبداً فكرة وجود إله لهذا الكون، لكن اعتقد بأن مصطلح “اللاديني” كفيل بوصف ما أعتقد حالياً”. في عام 1915م، نُشر في كتاب (حكاية السيدة مع الأمل) بأن داروين عاد للمسيحية في أيام مرضه، والذي أكده أبناؤه وكذّبه المؤرخون.

المجتمع البشري
عكست القضايا الاجتماعية والسياسية التي تناولها داروين بالطرح مكانته الاجتماعية في عصره. وقد أرجع داروين سبب علو كعب الرجال على النساء أنه جاء نتيجة للانتقاء الجنسي. اسُتخدِم مصطلح الانتقاء الجنسي لأول مرة في كتاب أنتوني براون (الجنسين عبر الطبيعة). أحب داروين الثقافة الأوربية، ورأى بأن الاحتلال فكرة سديدة لنشر هذه الثقافة، والذي أدى لا محالة – إلى الاختبار القاسي الذي عانى منه البدائيون في رحلتهم للرقي والحضارة. تعتبر الصورة النمطية التي رسمها داروين ضد مبادئ المذهب الإنساني. وقد عارض داروين العبودية وتصنيف البشر إلى فئات دنيا وعليا بحسب أجناسهم وأعراقهم. عارض دارون نظرية قريبه فرانس جالتون، والتي نشرها عام 1805م بأن التحليل الإحصائي للوراثة أظهر بأن السلوكيات الأخلاقية والعقلية ومبادئ التناسل لدى الكائنات الحية ممكن توارثها. وقد ذكر دارون في كتابه (السلالة البشرية) بأن مساعدة المغلوبين على أمرهم للتكاثر يمكن له أن يقلل من فوائد الانتقاء الطبيعي. ولكن حذر في الوقت ذاته بعدم منع هذه المساعدة التي ستؤدي إلي خسارة غريزة العطف ” الجانب الأسمى للطبيعة البشرية” مع التشديد على الاهتمام بالتعليم لأهميته. وقد أكد جالتون بأن نشر البحث المذكور سوف يشجع على التزاوج من نفس القبيلة التي يتمتع أفرادها “بموهبة فطرية”. توقع داروين بعض المشاكل التطبيقية بقوله” هو أمر حتمي، على الرغم من ذلك أعلن تحفظي بخصوص الطريقة المثالية لتطوير الجنس البشري”. وشدد على نشر الوعي بين الناس بأهمية الوراثة وترك القرار لهم. في عام 1833م سمى فرانس جالتون هذه النظرية بعلم تحسين النسل.

الحركات الاجتماعية التطورية

أدت شهرة وشعبية داروين إلى ارتباط اسمه بالأفكار والحركات التي ليست لها علاقة وثيقة بكتاباته ،وأحيانا ناقضت آرائه بشكل مباشر. كان توماس مالثوس قد جادل قائلاً بأن الرب جعل النمو السكاني يتجاوز الموارد لحث البشر على العمل المثمر وتنظيم النسل. وكانت تستخدم هذه النظرية في نهاية الثمانينات من القرن الماضي لتبرير الإصلاحات الاقتصادية وسياسات عدم التدخل. نظرية التطور أصبحت تُرى بعد ذلك على أن لها تأثير على المجتمع. كتاب هيربرت سبينسر الإحصائيات الاجتماعية القائمة على حرية الإنسان والحريات الفردية على النظرية التطورية للامارك. وبعد فترة وجيزة من نشر ” الأصل أو المنشأ – Origin ” في 1859 م، سخر النقاد من وصفه الصراع للبقاء كتبرير مالثوسي (Malthusian) للصناعة الرأسمالية الإنجليزية في ذلك الوقت. مصطلح (الداروينية Darwinism) استخدم للأراء التطورية للآخرىن ومن ضمنهم سبنسر ” البقاء للأفضل ” كتطور للفكر الحر ، وعنصرية ارنست هكل وآرائه عن تطور الإنسان. استخدم الكتاب فكرة الانتقاء الطبيعي كحجة للأيديولوجية المختلفة، والتي كانت غالبا متناقضة، مثل سياسة عدم التدخل ” كلب يأكل كلب” الرأسمالية، العنصرية، الحروب، الاستعمارية والامريالية، ومع ذلك تضمنت وجهة نظر داروين الكلية للطبيعة “اعتماد وجود أحدهما على الآخر”، وبالتالي يشدد دعاة السلام والاشتراكيين والإصلاحيين الاجتماعيين التحرريين والفوضويين مثل بيتر كروبوتكين على قيمة التعاون على النضال ضمن الأنواع. وداروين بنفسه أصر على أن سياسة المجتمع لا يجب أن تتبع مفاهيم الصراع والانتقاء الطبيعي بعد الثمانينات من القرن الثامن عشر تطورت حركة تحسين النسل بناء على أفكار التوارث البيولوجي، وكتبرير علمي لأفكارهم نسبت بعضها للمفاهيم الداروينية. في بريطانيا، كان الغالبية يتشاركون آراء داروين الحذرة بشأن التحسين الاختياري ويسعون لتشجيع تلك الصفات الجيدة في تحسين النسل الإيجابي. خلال الكسوف الدارويني Eclipse of Darwinism ” قدمت الوراثة المندلية أسس علمية لتحسين النسل، وكان علم تحسين النسل السلبي لإزالة “المشوه” ذو شعبية في أمريكا وكندا وأستراليا، ووضعت مؤسسات تحسين النسل في الولايات المتحدة قوانين ” التعقيم الإجباري” (compulsory sterilization)، وتبعتها عدة بلدان أخرى، وفي وقت لاحق أصبح لمجال تحسين النسل سمعة بفضل النازية. وقد استخدم مصطلح “الداروينية الاجتماعية” بشكل نادر منذ 1890 م ،ثم أصبح مصطلحاً ذا شعبية في الأربعينات 1940 م. وعندما استخدمه ريتشارد هوفستاتر (Richard Hofstadter) للهجوم على ” سياسة عدم التدخل” (وهي سياسة اقتصادية تعني عدم تدخل الحكومة في التجارة) لمن هم من أمثال وليام غراهام سمنر (William Graham Sumner) والذين عارضوا الإصلاح والاشتراكية. ومنذ ذلك الحين تم استخدامه كمصطلح للإساءة لكل من يعارض ما يُعتقد بأنه عاقبة أخلاقية للتطور.

إحياء الذكرى

في عام 1881 كان داروين شخصية بارزة، لا يزال يعمل على إسهاماته في الفكر التطوري الذي كان له أثر كبير على العديد من مجالات العلوم.
خلال فترة حياة داروين كثير من المعالم الجغرافية سميت باسمه. مساحة من الماء المجاورة لقناة بيجل سميت باسم دارويـن من قبل ريبورت فيتزوري بعد حراك دارون المشهور، جنباً إلى جنب مع اثنين أو ثلاثة من الرجال الذين أُنقذوا من انقطاع السبيل بهم قريباً من الشاطئ عندما أحدث الجليد المنهار موجة هائلة والتي قامت بجرف قواربهم. وجبل داروين القريب في جبال الأنديز سمي في مناسبة الاحتفال بمولد داروين الخامس والعشرون. وعندما كانت سفينة بيجل تمسح أستراليا في عام 1839 م أبصر صديق داروين جون لورت ستوكس ميناء طبيعي والذي قام قبطان السفينة ويكهام بتسميته بمنياء داروين. المستوطنة المجاورة سميت بداروين في عام 1911 م والتي أصبحت عاصمة الإقليم الشمالي في أستراليا. أكثر من 120 نوع وجنس تمت تسميتها بعد داروين. مثال آخر: مجموعة من طيور تانيجر المرتبطة بالتسميات الداروينية اكتشفت في جزيرة غالاباغوس والتي أصبحت تعرف ب (طيور داروين) في عام 1947 م, عززت كثير من الأساطير غير الدقيقة حول اهتمام الناس بعمله. استمر الاحتفاء بعمل داروين من قبل عدد هائل من المنشورات والمناسبات. المجتمع العلمي اللندني (The Linnean Society of London) احتفل بإنجازات دارون عبر وسام داروين-ولاس منذ 1908 م. يوم داروين أصبح احتفالاً سنوياً، وفي عام 2009 نُظِمت فعاليات عالمية في الذكرى المئوية الثانية لمولد داروين والذكرى المائة وخمسون لنشر كتابه أصل الأنواع. تم الاحتفال بداروين في المملكة المتحدة وطبع بورتريه لصورته السلبية في عملة £10 جنب إلى جنب مع الطائر الطنان وسفينة بيجل، والتي صدرت من بنك إنجلترا. وكذلك يمكن مشاهدة تمثال جالس من الحجم الحقيقي لداروين في القاعة الرئيسية لمتحف التاريخ الطبيعي في لندن. وقد سميت كلية الدراسات العليا في جامعة كامبريدج بكلية داروين بعد حياة تشارلز داروين.

الأعمال
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: قائمة مؤلفات تشارلز داروين
كان داروين كاتباً غزير الإنتاج، حتى بدون نشر أعماله حول التطور سوف يظل داروين صاحب سمعة جيدة بوصفه كاتب (رحلة السفينة بيجل)، وبوصفه الجيولوجي الذي قام بالنشر بشكل واسع عن أمريكا الجنوبية والذي قام بحل لغز تشكل الجزر المرجانية، وبوصفه أيضاً عالم الأحياء الذي نشر العمل المكتمل بخصوص البرنقيل (وهو نوع من أنواع المحار). بينما في كتابه أصل الأنواع كان التصور المهيمن في علمه أصل الأنواع و(التعبير عن العواطف في الإنسان والحيوان) والذين كان لهما تأثير واضح وقوي، وكتبه عن النباتات والمشتمل على)قوة الحركة في النباتات) وهي دراسات مبتكرة ذات أهمية كبرى، كما كان أيضا عمله النهائي في (بنية الخضار تتشكل من حركة الديدان).

اكتشافات داروين

كان داروين السبب الرئيسي في انبثاق فجر جديد في علوم الوراثة ورسم الخرائط الوراثية الحية لكافة أنواع الحياة ابتداءً بالإنسان حتى الكائنات المجهرية. ومنذ ان نشر داروين كتاب أصل الأنواع شرع جميع العلماء في رسم وتخطيط واكتشاف أشكال الحياة ومظاهرها التطورية بما لم يخطر على بال داروين.أحدثت نظريتة انقلاباً في العلوم الأخرى.

الإرث
قام داروين قبل وفاته بإقناع معظم العلماء أنَّ التطور كنسب واحد مع وجود بعض الطفرات والتعديلات كان صحيحًا، وكان يُعتبر عالِمًا كبيرًا أحدث ثورة في الأفكار. تم تكريم داروين في حزيران من عام 1909 من قبل أكثر من 400 مسؤول وعالم من جميع أنحاء العالم التقوا في كامبريدج للاحتفال بالذكرى المئوية له والذكرى السنوية الخمسين لكتاب أصل الأنواع على الرغم من أنَّ القليلين في ذلك الوقت وافقوا على رأيه بأن (الانتقاء الطبيعي كان الوسيلة الرئيسية لحدوث الطفرات ولكنه ليس الوسيلة الوحيدة). اقترح العلماء في بداية القرن العشرين – وهي فترة أُطلق عليها (مرحلة تفوق الداروينية) – آليات تطورية بديلة ومختلفة ولكن ثبُت أنه من المستحيل تبنيها اأو الدفاع عنها. دمج رونالد فيشر (وهو عالم إحصاء إنجليزي) أخيرًا علم الوراثة المندلية مع الانتقاء الطبيعي في الفترة ما بين عامي 1918 وكتابه الذي صدر عام 1930 بعنوان النظرية الوراثية للانتقاء الطبيعي. أعطى النظرية قاعدة رياضية وحقق إجماعًا علميًا واسعًا على أن الانتقاء الطبيعي هو الآلية الأساسية للتطور، وبالتالي وضع الأساس لعلم الوراثة السكانية والاصطناع التطوري الحديث بمساعدة كل منجون بوردون ساندرسون هولدين وسيول رايت اللذان حددا الإطار المرجعي للنقاشات العلمية الحديثة وتنقيح النظرية.

أبناؤه وبناته
وليام اراسموس داروين. وُلد في 27 كانون الأول عام 1839 – وتوفي في 8 أيلول عام 1914.
آن إليزابيث داروين. وُلدت في 2 آذار عام 1841 – وتوفت 23 نيسان عام 1851.
ماري إليانور وُلدت 23 أيلول عام 1842 – وتوفت 16 تشرين الأول عام 1842.
هنريتا إيما داروين وُلدت 25 أيلول عام 1843 – وتوفت 17 كانون الأول عام 1927.
جورج هوارد داروين. وُلد 9 تموز عام 1845 – وتوفي 7 كانون الأول عام 1912.
إليزابيث داروين. وُلدت 8 تموز عام 1847 – وتوفت 8 حزيران عام 1926.
فرانسيس داروين. وُلد 16 آب عام 1848 – وتوفي 19 أيلول عام 1925.
ليونارد داروين. وُلد 15 كانون الثاني عام 1850 – وتوفي 26 آذار عام 1943.
هوراس داروين. وُلد 13 أيار عام 1851 – وتوفي 29 أيلول عام 1928.
تشارلز داروين. وُلد 6 كانون الأول عام 1856 – وتوفي 28 حزيران 1858.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


DMCA.com Protection Status ويكي ان افلام سياحه طبخ مشاهير الابراج وتفسير الاحلام موسوعه الاسئله arab watches